هل يمكن أن نرى من هم أكثر عنفاً من "داعش"؟ تساؤل بدأ يطرح نفسه مع احتدام المعارك ضد التنظيم الذي يسيطر على مناطق في سوريا والعراق وغيرها من مناطق العالم العربي. ففي ظل استمرار نفس الظروف التي أنتجت هذه الظاهرة فلا يعني القضاء على "داعش" نهاية المعركة، إذ يجب التعامل مع الوضع على الأرض بشكل يمنع نشأة تنظيمات مماثلة أو أسوأ، من خلال معالجة الأسباب الحقيقية التي تؤدي للتطرف. وتزداد أهمية هذه التساؤلات، خاصة مع انعقاد المؤتمر الدولي لتعزيز جهود الدول الإسلامية لهزيمة تنظيم "داعش"، الذي انطلق في الرياض يوم السبت 14 يناير/ كانون الثاني 2017 واستمر لمدة يومين بمشاركة 13 دولة من ضمن الدول المشاركة في التحالف العسكري الدولي لهزيمة تنظيم "داعش"، بدعوة من رئاسة هيئة الأركان بوزارة الدفاع في المملكة العربية السعودية. وشارك في هذا المؤتمر المملكة العربية السعودية، الإمارات العربية المتحدة، مملكة البحرين، دولة قطر، سلطنة عمان، دولة الكويت، المملكة الأردنية الهاشمية، المملكة المغربية، جمهورية تونس، جمهورية لبنان، جمهورية تركيا، دولة ماليزيا، جمهورية نيجيريا الاتحادية، بالإضافة إلى الولايات المتحدة الأميركية ممثلة بالقيادة المركزية الأميركية. وخلال المؤتمر عقدت لقاءات جماعية وثنائية على مستوى رؤساء هيئة الأركان العامة ومن يمثلهم، إضافة لقائد القيادة المركزية الأميركية. الأكاديمي والمحلل السياسي السعودي الدكتور حمدان الشهري، أوضح لـ"هافينغتون بوست عربي"، وشدد على أن عدم إيجاد حلول سياسية سيزيد من الإرهاب، فكلما زاد الصراع في بعض دول المنطقة سيؤدي ذلك لنشوء المزيد من الإرهاب، ومواجهته تتطلب إيجاد حلول سياسية سريعة. عدم اشتراك الميليشيات وكان لافتاً أن رئيس هيئة الأركان العامة السعودي، الفريق أول ركن عبد الرحمن بن صالح البنيان، قد حذَّر خلال مؤتمر صحفي عقد ضمن فعاليات المؤتمر، من أن ما وصفه بـ"الممارسات اللاأخلاقية وغير النظامية للميليشيات المتطرفة" تؤثر على جهود مكافحة الإرهاب وعلى ضمان استمرار تماسك التحالف، لذلك يجب ألا تشارك هذه الميليشيات في الجهود الدولية لتحرير المناطق التي يسيطر عليها تنظيم "داعش". وتعليقاً على ذلك يقول الشهري "السعودية لن تقبل مشاركة الدول التي تعتمد على الميليشيات بالحرب ضد "داعش"، إذ إن المحاربة تكون عن طريق جيوش تلك الدول وحكوماتها". مساندة درع الفرات ووفقاً للبيان الختامي للمؤتمر، فقد أعلن المشاركون مساندتهم لعملية درع الفرات التي تقودها تركيا في شمالي سوريا لمحاربة "داعش". وشدد الحضور على "ضرورة اتخاذ جميع الوسائل والإجراءات اللازمة للقضاء على هذا التنظيم الإرهابي، والتأكيد على عدم انتشاره في المناطق والدول المجاورة". وعن المساندة التي يمكن أن تقدمها دول التحالف لعملية درع الفرات، اعتقد الشهري أن "المساندة ستتم في حال طلبت تركيا من دول التحالف الإسلامي الدعم أو المشاركة معها، في تأمين وحماية أراضيها، لأن أنقرة تعمل على مواجهة الإرهاب وخطر داعش" على حد قوله. مشيراً في هذا الصدد إلى أن تركيا طلبت من التحالف الدولي وليس الإسلامي المساندة في المعارك بشمالي سوريا، ولكنه لم يقدم لها الكثير. وحول السبب في عدم دعم التحالف الدولي لتركيا، رأى الشهري أن التحالف الدولي لا يريد إنهاء أزمة "داعش"، إذ إنه يتخذها عذراً للبقاء في هذه الدول لإدارة الأزمة، فلو تم القضاء على داعش أو لم تنشأ أصلاً لاضطر الغرب أن يقفوا مع الثوار السوريين، ولكن وجود أعذار مثل الإرهاب و"داعش" هو ما سمح لبشار الأسد بالبقاء وتدخل الروس وميليشيات إيران"، حسب قوله. مرحلة ما بعد "داعش" الدول المشاركة في المؤتمر اتفقت على اتخاذ الخطوات اللازمة والضرورية لمعالجة مرحلة ما بعد (داعش)، معربة عن أملها في منع انتشار قدرات التنظيم المتطرف، وتمدده إلى الدول المجاورة. وفي هذا الإطار، أوضح الشهري أن مرحلة ما بعد "داعش" هي الأهم، إذ إن وجود الجيوش التي قضت على هذا التنظيم المتطرف مهم لاستقرار المناطق التي كان يوجد بها، فمثلاً في العراق إذا تم القضاء على داعش ولم يتم ملء الفراغ الذي سيخلفه، سيظهر إرهاب آخر.