أتعلم الكثير ممن حولي وما أتعلمه في كثير من الأحيان يتجاوز المعلومة الجديدة التي أجهلها إلى الغوص في تفاصيل الشخصيات في محاولة لمعرفة مقوماتها وإيجابياتها تلك الخصائص التي تميزها أو تلك العيوب التي تؤطر سماتها البشرية. النفس البشرية بكل تعقيداتها وتصرفاتها المتوقعة وغير المفسرة جديرة بالتأمل، فتفاعل الإنسان مع ما حوله وطريقة تعامله مع كل ما يمر به تجعلك تفكر في طبيعة العقل البشري وطريقة استقباله للمعلومة وتحليله لها وتفسيره للمشاعر وتقديره للمواقف. التعامل المختلف مع نفس الموقف أو الحادثة من قبل عدة أشخاص يدفعك للتفكير في اختلاف الشخصيات وفي تنوع طريقة تعاطيها مع أمور كثيرة. فعلى سبيل المثال قد تصادف شخصاً يصعب عليه الاعتراف بخطئه والآخر يجد سهولة في لوم الآخرين وجعلهم شماعة لكل إخفاقاته والثالث يعتقد أنه يمثل السقف الأخلاقي أو الثقافي أو العلمي والرابع لا يجد مشكلة في أن يقول آسف حين تستدعي الحاجة والخامس لا يجد غضاضة في أن يعترف بخطئه بدلاً من أن يكتشف الآخرون هذا الخطأ والسادس قد ينفلت غاضباً لأن أحدهم قد أخذ مكانه في الطابور بينما الآخر يعطيهم عذرهم بأنهم مستعجلون أو جاهلون أو لم ينتبهوا والسابع قد يفسر كل موقف بسوء نية والثامن تجده متحفزاً للهجوم والتاسع تجده دفاعياً في كل ردود فعله والآخر تجده قادراً على تحمل تجاوزات الآخرين بدون أن ينفعل. تنوع شخصياتنا التي تتشابه رغم اختلافها يعلمك الكثير فكل فرد منا عالم من المشاعر المتناقضة والأفكار المتضاربة التي تحاول أن تصل لحالة التوازن. وأنت حين تكون يقظاً متنبهاً لما حولك تكتسب المعرفة من تجارب الآخرين من طريقة تفاعلهم مع ما يمر بهم. شخصيات كثيرة تبهرك تتوقف عندها وشخصيات كثيرة تجدها مثرية تستفيد منها وشخصيات قد تمر عليك ولا تنتبه لها وأخرى قد تترك أثراً جيداً أو سيئاً لديك، شخصيات قد تشبهك وأخرى مختلفة أشد الاختلاف عنك. وكل فرد تقابله في يومك قد تتعلم منه شيئاً يفيدك، ما أكثر الأشخاص الذين تقابلهم وتتعامل معهم، وتكون محظوظاً حين تمر بشخصيات تترك أثراً في ذاكرتك وبصمة في حياتك، فهل أنت من هؤلاء المحظوظين؟