تحرص جميع الأنظمة العدلية على تنظيم وتحديد الاختصاص القضائي لكل محكمة سواء كان نوعياً أو محلياً بحيث يقتصر نظر الجهة القضائية على قضايا محددة في النظام، حرصاً على مبدأ وحدة القضاء في الفصل في الدعوى ومنع صدور أحكام متناقضة وعدم التنازع بين المحاكم على الاختصاص في نظر قضية معينة، وينحصر تنازع الاختصاص في تمسك جهتين قضائيتين بنظر دعوى معينة، أو بعدم اختصاصهما بالفصل في هذه الدعوى. وقد نصت المادة (27) من نظام القضاء على أنه (إذا رفعت دعوى عن موضوع واحد أمام إحدى المحاكم الخاضعة لهذا النظام وأمام إحدى محاكم ديوان المظالم أو أي جهة أخرى تختص بالفصل في بعض المنازعات ولم تتخل إحداهما عن نظرها أو تخلتا كلتاهما، فيرفع طلب تعيين الجهة المختصة إلى لجنة الفصل في تنازع الاختصاص في المجلس الأعلى للقضاء، وتشكل هذه اللجنة من ثلاثة أعضاء، عضو من المحكمة العليا يختاره رئيس المحكمة، وعضو من ديوان المظالم أو الجهة الأخرى يختاره رئيس الديوان أو رئيس الجهة – حسب الأحوال – وعضو من القضاة المتفرغين أعضاء المجلس الأعلى للقضاء يختاره رئيس المجلس ويكون رئيسا لهذه اللجنة)، كما نصت المادة (15) من نظام ديوان المظالم على أنه (إذ رفعت دعوى عن موضوع واحد أمام إحدى محاكم الديوان وأمام أي جهة أخرى، تختص بالفصل في بعض المنازعات ولم تتخل إحداهما عن نظرها أو تخلتا كلتاهما، فيرفع طلب تعيين الجهة المختصة إلى لجنة الفصل في تنازع الاختصاص التي تؤلف من ثلاثة أعضاء: عضو من المحكمة الإدارية العليا يختاره رئيس المحكمة، وعضو من الجهة الأخرى يختاره رئيس الجهة، وعضو من مجلس القضاء الإداري يختاره رئيس المجلس ويكون رئيساً لهذه اللجنة)، وهذا يبين الطرق النظامية لتحديد الجهة المختصة بالفصل في تنازع الاختصاص القضائي بين الجهات القضائية وإلزام الجهة المختصة بنظر النزاع. ونعتقد أنه بموجب الأمر الملكي رقم (أ/93) وتاريخ 25/5/1432ه، تمت الموافقة على نقل الاختصاص إلى اللجان الابتدائية للنظر في المخالفات الصحفية وحصر الطعن على قراراتها أمام اللجان الاستئنافية للنظر في المخالفات الصحفية، وبالتالي أصدرت المحاكم الإدارية أحكامها بعدم الاختصاص الولائي طبقا لتعديل النظام، إلا أن عدم تشكيل هذه اللجان في ذلك الوقت أوجد نوعا من الفراغ القانوني الذي تطلب صدور الأمر الملكي رقم (47084) وتاريخ 22/10/1433ه بإلزام المحكمة الادارية بالنظر في الطعن على قرارات لجنة النظر في المخالفات الصحفية الصادرة قبل نفاذ المرسوم الملكي رقم (م/20) بتاريخ 11/4/1433ه، بمعنى أن ما يصدر من قرارات بعد هذا التاريخ يكون الاعتراض عليه أمام اللجان الاستئنافية التي لم تكن قد بدأت أعمالها بعد! ونخلص إلى أن قرارات لجنة النظر في المخالفات الصحفية التي صدرت بعد تاريخ (11/4/1433ه) وقبل بداية عمل اللجنة الاستئنافية أصبحت لا تجد جهة تنظر في الطعن عليها فالمحكمة الإدارية تحكم بعد الاختصاص بموجب تعديل النظام، واللجنة الاستئنافية ترى أن هذه قرارات إدارية صادرة من اللجنة السابقة وتخرج عن اختصاصها المحدد بنظر قرارات اللجنة الابتدائية استنادا إلى نص المواد (37)،(41) من النظام والقواعد المنظمة لعملها، مما يجعلنا أمام فراغ قانوني، يتطلب النظر في الطعن على هذه القرارات سواء موضوعيا بالفصل فيها، أو بإصدار قرار بعدم الاختصاص من كلتا الجهتين، حتى يمكن طلب تشكيل اللجنة المختصة بفض تنازع الاختصاص بين المحكمة الإدارية واللجنة الاستئنافية في المخالفات الصحفية.