إذا كنا نتابع مباراة لكرة القدم بين الفريق الملكي الإسباني وبايرن ميونيخ مثلاً، فإن فوز أحدهما لا يعني أن الفريق الخاسر كان ضعيفاً، لكنه لم يكن الأقوى كنظيره، ولذلك لم ينتصر. الفريق ربما فاز لامتلاكه لاعباً محترفاً أو خط وسط متميزاً، لكن بأي حال لا ينتصر بدفاعه أبداً؛ لأنه لن يحرز أهدافاً أثناء تلك المباراة دون هجوم قوي واقتراب أكثر من مرمى الفريق المنافس. هذه هي المعركة أيضاً مع الأنظمة العربية، والنظام المصري بوجه خاص، النظام الذي لم تهاجموه إلا مرة واحدة، ويوم أحرزتم الهدف في الدقيقة الأولى وهدفاً آخر في نهاية الشوط الأول غرَّكم انتصاركم، ولكن في الشوط الثاني هتك الفريق الآخر الأعراض وأحرز أهدافاً عدة في هزيمة غير مسبوقة، هزيمة سياسية تنم عن فشل ذريع لأحد الفرق. العجيب أنهم بعد الهزيمة لم يفكروا ما الأسباب، وهزموا في عدة جولات، وحتى في مباراة الإعادة لم يحرزوا فيها أهدافاً ترد شرفهم، كما يقولون، ولم يفكروا كيف يحرزون الأهداف مرة أخرى. الفريق الذي خسر كل المباريات وانتقل إلى الدوريات غير الممتازة تباعاً حتى وصل للدوري الثالث لا يقبل أي اتهام أو وصف بأنه مخطئ، لا يقبل التعديل على قراراته ولوائحه، لا يقبل أي شيء إلا نفسه. نتفق جميعاً على ثقل النقد على النفس، لكننا يجب أن نتفق أيضاً على سماع الغير، ليست التيارات الإسلامية المصرية وحدها التي ترفض النقد الخارجي أو الداخلي، بل إن الجميع يتبعون نفس السُّنة، ولكن سُنة نبينا صلى الله عليه وسلم تقول: "الدين نصيحة". ينتقدون دوماً إعلام الصوت الواحد في مصر، ولا يعاملون أنفسهم بالمثل، يعانون من الظلم والإقصاء الذي يمارس في شتى بقاع الأرض، ولا يحاولون حتى تغييره داخلهم، بل يسعون للتوسع في فرض السيطرة، فشلوا في إدارة كافة الصراعات، لكنهم نجحوا وانتصروا على بعضهم البعض، نصحوا حطب الأرض بسُنن النبي صلى الله عليه وسلم، ولكن لم يلتفتوا يوماً لأنفسهم. هذا ما دفع ثمنه الجيل الجديد من دَمِه وعمره وعرضه، ولما دفع الثمن قالوا له نحن دفعنا مثلك حتى نصل لما نحن فيه، المصيبة الكبرى أن ما نحن فيه مسخرة، انقسمنا إلى أحزاب، وافترقنا عن المعركة الحقيقية ليواجه بعضُنا بعضاً. سيردون بأنهم حافظوا على الكيان، ولكنهم لم يشهدوا تمزقه أو غضوا الطرف عنه، أما المصالح العامة فالحمد لله لم يجنِ أحدنا إلا المرار بلا أي فائدة، ولم تجنِ مصر إلا المرارة أيضاً، الاختلاف الذي لا يفسد للود قضية، ضيَّع كل شيء بينهم، أخيراً.. لو بذلت أي جهة رافضة للانقلاب ما يبذلونه في تضليل صفوفهم، أو بما يسمى "احتواء الأفراد" لانتصروا في كل الصراعات من أول جولة، حراككم الممزق لا يدعوا للفخر بالانتماء له، وقياداتكم التي تنهال علينا بالتصريحات والبيانات التي تستفز مشاعر الجميع بكم ما يحتويها من سطحية وسذاجة تحسبونها مكراً ودهاء وسياسة، تدعونا للانسحاب من تنظيماتكم والزهد عن كل عمل طالما أنتم على رأسه، فعودوا لمبادئكم التي تدَّعونها نعُد معكم. ملحوظة: التدوينات المنشورة في مدونات هافينغتون بوست لا تعبر عن وجهة نظر فريق تحرير الموقع.