×
محافظة جازان

وفاة مخالف بأزمة قلبية في مشاجرة

صورة الخبر

النسخة: الورقية - دولي على رغم التصريحات المتكررة من قبل الإدارات الأميركية المتعاقبة منذ اتفاقات أوسلو وصولاً إلى إدارة أوباما الحالية والداعية بمجملها إلى ضرورة أن تفضي المفاوضات الفلسطينية - الإسرائيلية في نهاية المطاف إلى دولة فلسطينية، إلا أنها لم تتضمن إشارات واضحة إلى حدود تلك الدولة وسيادتها وعلاقاتها المستقبلية، فضلاً عن عدم التلميح إلى ضمانات أميركية حقيقية لإقامتها. واللافت أنه ومنذ إنشاء السلطة الفلسطينية في عام 1994 بقيت المفاوضات رغم استمرارها في فترات مختلفة أسيرة المواقف الإسرائيلية، ما يؤكد غياب أي ضغوط أميركية حقيقية على إسرائيل، بل على العكس من ذلك كانت الضغوط - التي ما زلنا نشهد فصولها بعد انطلاق جولة مفاوضات جديدة في تموز (يوليو) 2013 تبعاً للشروط الإسرائيلية - على الطرف الفلسطيني الذي يفتقد أوراق قوة حقيقية، بخاصة في ظل غياب حاضنة عربية وموحدة للتفاوض، ناهيك عن التشظيات في الساحة الفلسطينية من جهة، وعدم وضوح المرجعيات السياسية للتفاوض من جهة أخرى.‏ هذا يقودنا إلى إلقاء الضوء على مواقف إسرائيل من الدولة الفلسطينية، حيث أعلنت إسرائيل مراراً أنها تؤيد فكرة قيام دولتين - دولة فلسطينية إلى جانب دولة إسرائيل - ستعيشان جنباً إلى جنب بسلام وأمان وطمأنينة - وفق موقع وزارة الخارجية الإسرائيلية على شبكة الإنترنت، وترى أن الحل الحقيقي سيكون بقيام دولتين وطنيتين وهما: دولة فلسطينية للشعب الفلسطيني ودولة يهودية لليهود، ولا تطمح إسرائيل إلى السيطرة على الفلسطينيين، وتعتقد أن قيام دولة فلسطينية ديموقراطية حقاً تربطها علاقات سليمة كاملة مع إسرائيل سيؤدي إلى أن الأمن والازدهار الطويل الأمد سيسودان إسرائيل كدولة يهودية. وتؤكد وزارة الخارجية الإسرائيلية أن إسرائيل لا تقلق من فكرة إقامة دولة فلسطينية. وإنما يزعجها هو نوع الدولة الفلسطينية التي ستقوم، هل ستكون دولة ديموقراطية؟ دولة قانون ونظام تتجنب الإرهاب والعنف والتحريض؟ الأمر الذي سيمكن إسرائيل من العيش بسلام إلى جانبها، أو ستكون دولة فوضوية تستمر في سلوك مسلك العنف والإرهاب، وتعرض للخطر ليس إسرائيل وحدها بل المنطقة كلها، وليس من الممكن أن تقبل إسرائيل بقيام دولة «إرهابية» (كما تزعم إسرائيل) على امتداد حدودها، ويجب أن تأخذ الجهود المبذولة لإقامة دولة فلسطينية في الاعتبار الحقوق والمصالح الحيوية الإسرائيلية، وبخاصة في ما يتعلق بالأمن. وهكذا سيسود السلام والاستقرار هذه المنطقة. وتهدف إسرائيل إلى أن تكون دولة يهودية ديموقراطية، تعيش بانسجام مع الدول المجاورة لها.‏ إن هذا الهدف يحمل إسرائيل على تبني رؤية الدولتين، وتدرك إسرائيل أن مستقبل كل دول الشرق الأوسط المجاورة مرتبط بمستقبل الدول الأخرى، ولا يكتب النجاح لأي سلام لا يأخذ هذه الحقيقة بالحسبان، وتشير وزارة الخارجية الإسرائيلية على موقعها على الإنترنت إلى أن تأسيس إسرائيل كان بمثابة استجابة للطموحات الوطنية لأبناء الشعب اليهودي، ويجب أن تكون الدولة الفلسطينية المستقبلية لنفس الغرض بالنسبة إلى الفلسطينيين وعليها أن تلبي طموحات أبناء الشعب الفلسطيني جميعهم، ممن يسكنون في الضفة الغربية وقطاع غزة أو يعيشون في مخيمات اللاجئين في الدول العربية، أو يقيمون في أي مكان آخر في العالم، أي حل قضية اللاجئين في إطار جغرافية الدولة الفلسطينية. إن إقامة دولة فلسطينية ثابتة ومزدهرة وهادئة، تعتبر مصلحة إسرائيلية، وكما أثبتت إسرائيل في خطة الانفصال عن غزة عام 2005، فإنها مستعدة لاتخاذ خطوات مؤلمة من أجل دفع هذا الغرض إلى الأمام، ولكن عليها أن تعرف أن شركاءها جاهزون للتوصل إلى مصالحة تاريخية ستجلب السلام الدائم. اضافة إلى تصورات المؤسسة الإسرائيلية حول الدولة الفلسطينية، يمكن القول إن الاتجاه العام للرأي الإسرائيلي يعكس الصورة نفسها إزاء الدولة الفلسطينية، حيث هناك إجماع في الرأي العام الإسرائيلي يرفض بشدة العودة إلى حدود الرابع من حزيران (يونيو) 1967، ويتمسك بالاستيطان وبمساحات واسعة من الضفة الغربية، ولهذا يمكن القول إن الدولة الفلسطينية وفق الرؤى الإسرائيلية يجب أن يتم إنشاؤها على جزء من المناطق الفلسطينية المحتلة، تقطع أوصالها المستوطنات - 151 مستوطنة يتركز فيها 350 ألف مستوطن يهودي - وجدار الفصل العنصري الذي سيلتهم اكثر من 40 في المئة من مساحة الضفة الغربية الكلية البالغة 5800 كيلومتر مربع، وتبقي السيطرة المطلقة على 80 في المئة من حجم المياه الفلسطينية. وهذا حل لما يطلق عليه الإسرائيليون «المشكلة الديموغرافية» كي «تتخلص» إسرائيل من الفلسطينيين، وفي الوقت نفسه تحصرهم في معازل تطلق عليها دولة فلسطينية، مساحتها الإجمالية لا تتعدى نصف مساحة الضفة الفلسطينية، ليصبح أسهل عليها التحكم بالفلسطينيين والسيطرة عليهم، وذلك أفضل من إبقائهم تحت الاحتلال المباشر. يلاحظ المتابع للتوجهات الإسرائيلية السابقة بوضوح جلي عدم الإشارة إلى حدود الدولة الفلسطينية ومصادرها الطبيعية ومستقبل علاقاتها الخارجية، وكذلك لم يتم التطرق إلى مستقبل الاقتصاد الفلسطيني الذي تسيطر إسرائيل على أهم مفاتيحه مثل: التجارة الخارجية وأداء قوة العمل، بل تم التركيز في التصورات الإسرائيلية حول الدولة الفلسطينية على ضرورة أن تكون تلك الدولة ديموقراطية تتحلى بعنصر الأمن وأن تكون دولة لكل الفلسطينيين، بمعنى أنها دولة لسكان الضفة والقطاع وكذلك للاجئين الفلسطينيين، وبذلك تجنبت إسرائيل الحديث عن عودة اللاجئين إلى قراهم داخل الأراضي التي أنشئت عليها إسرائيل في عام 1948. ولفرض التصورات الإسرائيلية حول الدولة الفلسطينية وشطب حق العودة للاجئين الفلسطينيين وفق القرارات الدولية، تنشط الدوائر الإسرائيلية المختلفة منذ سنوات عدة من أجل تعميم فكرة يهودية الدولة، وتنشيط الاستيطان وتكثيفه في عمق الضفة الغربية وبخاصة في قلب مدينة القدس التي يعتبرها الفلسطينيون عاصمة دولتهم المنشودة.     * كاتب فلسطيني