استبشر المواطنون والمواطنات خيرا بعد تحرك جهات مختصة لمكافحة الغش التجاري الذي يدخل إلى المملكة، لا سيما من الصين، بعد توقيع اتفاقية لحظر المنتجات غير الصالحة التي غمرت الأسواق السعودية في وقت سابق، وأصبح معتادا على ألا يستهلك المواطن سوى المقلد، بعد أن غصت الأسواق بالمنتج الرديء، رغم تحديث نظام مكافحة الغش التجاري الذي جاء في بداية الثمانينات بـ22 مادة هدفت لردع التقليد ونفض طاولة المتاجر من الرداءة وبعقوبات، إلا أن المقلد وجد في انعدام صرامة تطبيق النظام في السوق السعودية منفذاً يلج منه للمستهلك عبر التستر والمخالفات التجارية وضعف الرقابة، الأمر الذي شجع تجارا سعوديين صغارا متهاونين على عقد صفقات الخفاء مع ملاك مصانع غير معتمدين في بلد الإنتاج الأول في العالم الصين. السوق السعودية عانت كثيراً من المنتجات المقلدة، وقدرت إحصاءات أن حجم الخسائر وصلت إلى 16 مليار ريال تكبدها الاقتصاد السعودي جراء دخول المنتجات غير المطابقة أو التي يتم تقليدها خارجيا وداخليا، فيما كشفت تقارير لوزارة التجارة والصناعة عن ضبط ما يقارب 205825 سلعة مقلدة. ويرى مراقبون أن الاتفاقية المبرمة أخيراً بين وزارة التجارة والصناعة السعودية والهيئة العامة للرقابة في الصين، أثناء الزيارة التي قام بها ولي العهد الأمير سلمان بن عبدالعزيز إلى جمهورية الصين، تأتي رغم تأخرها كإجراء جاد أمام تدفق السلع المغشوشة للسوق السعودي، وترجمة حقيقية لسعي البلدين نحو التوصل لآليات يتم من خلالها إيقاف إغراق السوق السعودية بالمنتجات المقلدة، وتضرر المستهلك، وحماية المنتج الصيني من سوء السمعة التي لازمته من جهة ثانية، حيث عكف الجانبان منذ مطلع العام الجاري على عقد اجتماعات متواصلة لبحث 12 بنداً تهدف للحد من تدفق السلع المغشوشة، ووضع قائمة سوداء للمصانع والشركات والتجار والمختبرات والجهات المصدرة لشهادات المطابقة المخالفة. وتفرض الاتفاقية الموقعة أخيراً بين وزيري التجارة والصناعة السعودي وهيئة الرقابة الصينية، على المصانع والشركات والتجار المخالفين، عقوبات وفق أنظمة كل بلد، بحيث يشعر كل بلد الجانب الآخر بكل الإجراءات المتخذة ضد المصانع والشركات والتجار والمختبرات المخالفة، الأمر الذي يضمن تبادل المعلومات عن نتائج المختبرات والجهات المانحة لشهادات المطابقة التي تكون مخالفة، وتنص على تبادل المعلومات عن المختبرات والجهات المانحة لشهادات المطابقة المرخصة والمعتمدة في كل بلد، إضافة إلى تبادل الزيارات والخبرات بين الطرفين لمتابعة تنفيذ بنود الاتفاقية بدقة. ووجدت هذه الخطوة مباركة واسعة بين أوساط المسؤولين الحكوميين والمستثمرين السعوديين، مؤكدين لـ"الوطن"، أن التوصل لها يعد أمراً مهماً بحد ذاته، مطالبين في الوقت ذاته، بأهمية تطبيقها ومتابعتها وإيقاع العقوبات الصارمة بحق مخالفيها، بما يحفظ السوق والاقتصاد الوطني والمستهلك. وحول جدوى هذه الاتفاقية وأثرها على واقع السوق والاقتصاد الوطني، لم يبد عضو لجنة الشؤون الاقتصادية والطاقة بمجلس الشورى الدكتور عمرو رجب، تفاؤلاً واضحاً تجاه الاتفاقية، موضحاً في حديثه إلى "الوطن"، أن فعالية الحد من هذه الظاهرة تكمن في تطبيق الأنظمة التي تتضمن عقوبات صارمة ومغلظة، إلا أنه بين أن فائدة هذه الخطوة تعتمد على ما تضمنته من التزامات وعقوبات تلزم الطرفين. وأضاف: "الأمر يعتمد على حسب الاتفاقية وحسب الالتزامات التي نصت عليها، فإن كانت مجرد اتفاقية إطارية للتعاون والتفاهم ولا تحوي أي التزامات فلا أعتقد أن الأمر سيختلف كثيراً عما هو واقع". وشدد في حديثه، على أن السوق السعودية بحاجة لرقابة وضبط، لأن جميع الأطراف متضررة في حال غيابها: التاجر والسوق والمستهلك، وبالنهاية المتضرر الأكبر هو المواطن. وعن الحلول للحد من وجود البضائع المقلدة في الأسواق، أوضح عضو مجلس الشورى أن نظام مكافحة الغش التجاري يتضمن عقوبات صارمة ومغلظة خاصةً بعد تحديثه، وقال: "الحل الجذري للحد من ذلك هو بالتطبيق الصارم لهذا النظام وللعقوبات الواردة فيه". وبيّن أنهم في مجلس الشورى يناقشون التقارير السنوية للجهات ذات العلاقة، لا سيما وزارة التجارة والصناعة تتصدر مناقشتهم قضية مكافحة الغش التجاري، مشيراً إلى أنهم ينظرون بواقعية للمعوقات التي قد تتسبب في بطء ضبط الأسواق، قائلاً "كان الوضع السابق بوزارة التجارة يعاني من نقص كوادر ومراقبين أمام حجم الأسواق بالمملكة، ونحن كنا واقعيين حين ننظر في تلك المعوقات في كل تقرير، لكن الآن باعتقادي أن الوزارة بوضعها الحالي أفضل بكثير، وبالفعل أصبح لديها آليات أكثر سهولة في التبليغ والمتابعة والضبط رغم كون ذلك موجودا في السابق إلا أن التفعيل هو ما نجحت فيه الوزارة"، مطالباً في نهاية حديثه بضرورة تفعيل النظام الذي بحد ذاته سيقضي على هذه الظاهرة. بينما رأى رئيس لجنة مكافحة الغش التجاري بالغرفة التجارية في الرياض محمد العجلان، أن الصين المصنع الأول في العالم فلا يخلو بلد من منتجاتها، وبفضل المعايير الواضحة والإجراءات المشددة في دول أوروبا أوجدت منتجات صينية تتميز بجودة عالية، بعكس ما نراه في السوق السعودي، مشيرا إلى أن الصين لديها منتجات وسلع تضاهي بجودتها منتجات الدول الأخرى، مرجعاً سبب وجود الرديء في السوق إلى بعض التجار، قائلاً "تجار الشنطة والمتسترون لدينا أغرقوا السوق بسلع بأبخس الأثمان وبفضل تعاملهم مع مصانع غير معتمدة لدى الجهات الصينية، والمتضرر في نهاية الأمر المستهلك". وامتدح العجلان الاتفاقية التي تم توقيعها أخيراً للحد من السلع المقلدة، منوهاً بجهود الوزير الدكتور توفيق الربيعة الذي نجح في التوصل إليها لإغلاق الطريق أمام تدفق هذه السلع، مشيراً إلى جهد الحكومة الصينية الجاد في المقابل التي أوعزت لجهاتها بوضع قائمة سوداء للمصانع المخالفة. وكشف عن أن ما سيتبع هذه الاتفاقية هو عمل لجان مشتركة لتبادل الزيارات التي ستكون قريبة جداً بين الجانبين السعودي والصيني لمتابعة تنفيذ هذه الاتفاقية. واستقبل عدد من المستهلكين هذه الاتفاقية بارتياح، حيث علق المواطن عبدالعزيز بن حميد بأن المحلات تعج بالمقلد وهو ما أرغم المستهلك في الأسواق على استهلاك المنتج الرديء والمقلد الذي يغري بانخفاض سعره أمام غلاء سعر المنتج الأصلي، مشيراً إلى أن الجهد التي تبذله الآن وزارة التجارة جيد بمصادرة المقلد ومتابعة الأسعار للمنتجات الأخرى، مطالباً بالمزيد من هذه الإجراءات التي ستحد من مخاطر هذه السلع على المنازل والمستهلكين. وتزخر الأسواق السعودية بالكثير من المتاجر التي تعمتد على استيراد وتوفير المنتجات المقلدة، حيث وصل عدد المحلات المعروفة بـ"أبوريالين" إلى 10 آلاف محل.