لا يمكن لك مهما حاولت، أن يبلغ إحساسك بمعاناة غيرك درجة الكمال، ما لم تكن قد مررت بذات المعاناة. خذ للتدليل ملف ذوي الاحتياجات الخاصة، لا أحد ينكر اهتمام الدولة بالمعاقين، المعنيون بهؤلاء يقومون بدور ملحوظ، لكن غالبية ذلك يقتصر على جانبين: "نظري بحت.. ومادي يتعلق بصرف المال لهم فقط".. على الأرض لا شيء يستحق الذكر. قبل فترة، وجدت شابا على دراجة خاصة بذوي الاحتياجات الخاصة، يقف بدراجته أمام أحد صالونات الحلاقة، الجو بارد، تطوع الحلاق للخروج إليه، وضع المنشفة على صدره، بدأ في قص شعره أمام المارة، المشهد غريب، مثير للفضول، مثير للحزن والشفقة، لا أعلم شعور الشاب تلك اللحظة، يبدو أنه اعتاد ذلك. لم يكن الشارع مهيأ للمعاقين، هذه حالة المعاق في كل مرة يريد أن يقص شعره، العرب تقول: "من له حيلة فليحتل"، في اللسان الشعبي تتردد عبارة "يا قلة الحيلة"، حينما يقع الإنسان في المأزق، هذا الشاب لم تعيه الحيل، وجد حيلته الوحيدة ليعيش كغيره من البشر، وددت لو استطعت تصوير المشهد؛ وإرساله للأمير سلطان بن سلمان، لكنني احترمت حياة الناس الخاصة، قد يكون هناك من قام بذلك. المشهد ملفت ومثير ومحزن، ما الذي دفع هذا الشاب وأمثاله لهذا العمل؟! مشاكل المعاقين في الشارع السعودي ـ وقلت هذا عام 2012 ـ لا يتم حلها في المكاتب المغلقة، لا يتم تقييمها من قبل الناس الأصحاء الذين يسيرون على أقدامهم، ويتدبرون شؤون حياتهم دون حاجة لأحد. الذي يريد الوقوف بجوار مطالب المعاقين، ويسعى إلى تحقيقها يجب عليه أن يستشعر المعاناة التي تواجه المعاق في المجتمع الخارجي، التعاطف وحده لا يحل مشكلة.