في كل سنة يجتمع في ديوان رئيس الدولة، كل من رئيس الوزراء ووزير الدفاع ورئيس «الموساد» الحالي وكل من بقي على قيد الحياة من رؤساء الجهاز السابقين، لكي يوزّعوا شهادات التقدير والاستحقاق لمجموعة من العاملين في «الموساد»؛ تقديرا على عملياتهم. وفي سنوات عدة يقام احتفال كهذا مرتين في السنة. وهناك جملة تتردد في كل احتفال: «أنتم تقومون بأعمال جبارة بعضها سيُعرَف بعد زمن طويل وغالبيتها لن تُعرَف إلى الأبد». وكما هو معروف، فإن «الموساد» قلما ينسب إلى نفسه عمليات عينية، وقلما يعترف بما ينسب إليه من عمليات. ومع ذلك، فإن الأدبيات السياسية والعالمية ملأى بالقصص عن هذه العمليات، التي تعتبر الهوية الحقيقية لهذا الجهاز، بنجاحاته وإخفاقاته على السواء. وللعلم، نجاحاته كثيرة وإخفاقاته أيضًا كثيرة. وكلها تصب في خانة «الحرب القذرة»، التي يروح ضحيتها الكثير من الأبرياء. ومن أبرز هذه العمليات، التي تم نسبها إلى «الموساد»: * عملية «بيرن»: اكتشف «الموساد» أن ضابطًا إسرائيليًا كبيرًا يدعى ألكسندر يسرائيل يتجسّس لصالح مصر، فخطفوه من إحدى دول غرب أوروبا عام 1954 وخدروه وطاروا به إلى إسرائيل. وخلال الرحلة توفي الرجل فألقوا بجثته في البحر الأبيض المتوسط أثناء الطيران. * «خطاب خروشوف»: عام 1956 وصلت أوجها الخلافات داخل روسيا وألقى الرئيس نيكيتا خروشوف خطابًا سريًا عدّد فيه جرائم الرئيس السابق جوزيف ستالين. وكان «الموساد» الإسرائيلي هو الذي حصل على هذا الخطاب وسلمه للولايات المتحدة وهكذا عرفت التغييرات في نسق الحكم بموسكو. * «عملية مراكش»: في السنوات 1956 – 1964 تمكن «الموساد» من تهجير يهود المغرب. * أدولف آيخمان: ضمن مهمات «الموساد» كان تصيد كبار الضباط النازيين الألمان، الذين اختفت آثارهم بعد الحرب العالمية الثانية، وخصوصا أولئك الذين كان لهم دور مباشر في محرقة اليهود. أحد هؤلاء، أدولف آيخمان، تمكن من الهرب إلى الأرجنتين والعيش فيها تحت اسم مستعار، لكن عام 1960 اقتفى «الموساد» آثاره وخطفه ونقله إلى إسرائيل، حيث حوكم وأعدم شنقًا. * الصواريخ المصرية: في شهر يوليو (تموز) 1962، نشر نبأ عن تجارب لصنع الصواريخ في مصر. وشوهد بعض من هذه الصواريخ في استعراض عسكري بشوارع القاهرة في ذكرى ثورة 23 يوليو. وقال المصريون يومها إن مدى هذه الصواريخ يصل إلى جنوبي بيروت. ولقد فحص «الموساد» الأمر فتيقن من صحة المعلومات. وكانت النتيجة أن أحد المهندسين الألمان اختفى من القاهرة، ووصلت مغلفات ملغومة إلى عدد آخر. وجرى اعتقال اثنين من عملاء «الموساد» هما يوصف بن غال وأوتو يوكليك في سويسرا وحوكما بتهمة هذه العملية. وتبين لاحقا أن مصر لم تنتج صواريخ باليستية كهذه. وعام 1965 أقدم «الموساد» على اغتيال ضابط نازي من لاتفيا كان قد هرب إلى الأوروغواي. * «عملية الجوهرة»: هذا هو الاسم الذي أطلقه «الموساد» على العملية التي تمكن فيها عام 1966 من تجنيد طيار عراقي اسمه منير روفا إلى صفوفه، فهرب الطيار بطائرة «ميغ 21» روسية الصنع إلى إسرائيل. وهكذا تعرفت إسرائيل والولايات المتحدة إلى أهم أسرار هذه الطائرة؛ ما ساعدها لاحقًا في حرب 1967. * «غضب الله»: عام 1970. قرّرت الحكومة الإسرائيلية، يومذاك، برئاسة غولدا مائير تصفية جميع المسلحين الفلسطينيين المسؤولين عن تنفيذ عملية اغتيال الرياضيين الإسرائيليين في أولمبياد ميونيخ. وأطلق على العملية اسم «غضب الله». واستطاع «الموساد» اغتيال قادة التنظيم واحدًا تلوَ الآخر، بوسائل مختلفة كتفجير هاتف، أو تفجير سريري في فندق، أو إطلاق نار من مسافة قريبة، باستثناء علي حسن سلامة «أبو حسن»، رئيس المجموعة الفلسطينية، الذي استطاع الإفلات من عملات اغتيال عدة. وفي يوليو من عام 1973 قتَل «الموساد» أحمد بوشيكي عن طريق الخطأ، وهو مواطن نرويجي من أصول مغربية اشتبه عن طريق الخطأ بأنه سلامة، في مدينة ليلهامر النرويجية. وقدّمت إسرائيل تعويضًا بمئات آلاف الشواقل لزوجة بوشيكي. وفقط في عام 1979 وصلت ملاحقة سلامة إلى نهاية الطريق عندما انفجرت به سيارته الملغومة في لبنان. ونشر لاحقا أنه تم تجنيد مواطنة بريطانية تدعى أريكا تشايمبرز من قبل «الموساد» واستأجرت منزلاً مقابلا لمنزل سلامة في بيروت، وهي التي قامت بتفجير القنبلة بواسطة جهاز تحكم عن بُعد. * «ربيع الشباب»: عام 1973 نفذ «الموساد» بالاشتراك مع وحدة الأركان العامة والكوماندوز البحري 13 عملية في قلب بيروت؛ إذ وصلت الوحدة الإسرائيلية إلى شواطئ بيروت بواسطة قوارب، وهناك انتظرهم رجال «الموساد» الذين أقلّوهم بسيارات مستأجرة في يوم سابق. وكان نصف المهاجمين الإسرائيليين متنكّرين بأزياء نساء، ومشوا معانقين، كمجموعة من الأزواج العشاق. وقال إيهود باراك، الذي كان رئيس سرية هيئة الأركان العامة في تلك الفترة، إنه كان متنكّرًا بزي امرأة سمراء. وهو الذي أصبح رئيسا لأركان ووزيرا للدفاع ثم رئيسا للحكومة. كما اشترك في العملية يوناثان نتنياهو، أخو رئيس الحكومة، بنيامين نتنياهو (الذي قتل بعد مرور ثلاث سنوات في عملية تهريب الرهائن الإسرائيليين في عنتيبي بأوغندا) كما شارك أمنون ليبكين شاحاك، الذي أصبح فيما بعد رئيس أركان الجيش. وفي هجمات في مواقع عدة مختلفة من المدينة، اغتيل نحو مائة رجل من حركتي «فتح» والجبهة الشعبية، إضافة إلى ثلاثة من كبار مسؤولي «فتح» هم: يوسف النجار «أبو يوسف» وكمال ناصر وكمال عدوان. * عام 1978، تمكن «الموساد» من اغتيال الدكتور وديع حداد، القائد البارز في الجبهة الشعبية لتحرير فلسطين، في ألمانيا الشرقية بواسطة السم. * عام 1986. أقدم الموساد على خطف مردخاي فعنونو، العامل في مفاعل ديمونا النووية، الذي كان قد نشر أسرارا عن السلاح النووي. ولقد أغري بواسطة عميلة «الموساد» ساندي، التي أقامت معه قصة حب مخادعة. وجرى نقله من إيطاليا وهو مخدّر. ولقد حوكم وسجن، وهو اليوم ممنوع من السفر ويعيش في القدس العربية. * عام 1988: اغتيال القائد الفلسطيني خليل الوزير «أبو جهاد» بعملية عسكرية ضخمة، دخلت فيها قوات إسرائيلية كبيرة من «الموساد» والكوماندوز العسكري إلى تونس العاصمة عبر البحر. وقاد العملية موشيه يعلون، وزير الدفاع السابق ورئيس أركان الجيش الأسبق، عندما كان قائدا لوحدة الكوماندوز، وأشرف عليها عبر سفينة في البحر رئيس الأركان يومذاك إيهود باراك. * عام 1992، حاول عملاء «الموساد» اغتيال نائب وزير الدفاع الإيراني مجيد عباسفور في فينا، ففشلوا. ووقع اثنان منهم في حادث طرق فانكشف أمرهما واعتقلا. * عام 1997 اغتيال قائد «الجهاد الإسلامي» الدكتور فتحي الشقاقي في مالطة. * خالد مشعل: في السنة نفسها، فشل «الموساد» في اغتيال رئيس المكتب السياسي لحركة حماس، خالد مشعل، بقرار من رئيس الحكومة بنيامين نتنياهو. كان ذلك في العاصمة الأردنية عمان. وقد أقدم ضباط «الموساد» على اعتراض طريق مشعل ورش أحدهم غازا ساما من نوع فنتانيل على أذن مشعل، الذي كان من المفترض أن يقتله في غضون ساعات. ولكن العملية تورطت، فقد تم القبض على القاتلَيْن بواسطة الشرطة الأردنية. * عام 1998، اغتيل المهندس الكندي جيرالد بول، الذي ساعد العراق على تطوير مدفع حديث ذي إمكانيات تدميرية ذات مدى بعيد. * عام 2010، اغتيل محمود المبحوح في دبي، وهو مسؤول مشتريات الأسلحة في حماس. * في 16 ديسمبر (كانون الأول) الماضي، اغتيل التونسي محمد الزواري، مهندس الطائرات بلا طيار، وذلك بعدما اتضح أنه اخترع غواصة غير مأهولة لصالح حماس. وهناك عمليات كثيرة أخرى نسبت إلى «الموساد» لكن تنفيذها تم بواسطة أجهزة أخرى مثل الجيش و«الشاباك».