صحيح أن ايران تملك أدوات الضغط على النظام السوري لوقف اطلاق النار وفقا للهدنة الأخيرة غير أن ذلك لن يحدث بطبيعة الحال فحكام طهران يهمهم استمرارية الحرب وعدم اخمادها رغم أن فصائل المقاومة أعلنت احترامها الهدنة لانهاء وتسوية الأزمة القائمة بينها وبين النظام. تقويض مفاوضات السلام المقرر اجراؤها في كازاخستان لن تتم الا بعد وقف اطلاق النار تمهيدا لزرع مساحات من الثقة بين فصائل المقاومة والنظام السوري تمهيدا لبدء المفاوضات، وهو تقويض تسعى ايران لابقائه ماثلا على ساحات المعارك في سوريا، فهمُّها أولا وأخيرا يكمن في اشعال المزيد من الفتن والاضطرابات ونشر الطائفية البغيضة بين صفوف السوريين وعدم التوصل الى حل ينهي الصراع في هذا القطر. أدوات الضغط الايرانية لن تستخدم في سوريا لارغام النظام السوري على وقف اطلاق النار، فإيران لا تجنح الى نشر السلام والأمن والاستقرار في سوريا، وانما تجنح مع النظام والميليشيات الداعمة له لابقاء الوضع على ما هو عليه، فالرغبة جامحة من كل الأطراف المعادية للشعب السوري على استمرارية الحرب الدائرة وتخريب ما تبقى من المدن السورية وإزهاق الأرواح البريئة من الرجال والأطفال والنساء العزل من السلاح. مفاوضات أستانا قد تتعثر اذا لم توقف الخروق المتزايدة من جانب النظام السوري، فالهدنة التي بدأت منذ منتصف ليلة الخميس المنفرط بموجب اتفاق روسي تركي ذهبت أدراج الرياح حيث تم نقضها من قبل النظام السوري المتمرس على نقض الهدن السابقة، وهو على استعداد لنقض كل الهدن في سبيل قتل المزيد من أبناء الشعب السوري وتخريب ما يمكن تخريبه من منازلهم ودكها فوق رؤوسهم. ولا شك أن المفاوضات القادمة في أستانا تتوقف أساسا على نجاح خطة وقف اطلاق النار المعلنة في محاولة لانهاء النزاع السوري والوصول الى حلول قاطعة لأزمة طاحنة بين المقاومة والنظام، والنوايا لا تبدو حسنة من قبل النظام السوري وأعوانه المتمثلين في ايران وحزب الله والميليشيات الارهابية على ايقاف اطلاق النار، فالهم لهم جميعا يتمحور في اطالة أمد الأزمة وابقائها مشتعلة. وقد نقض النظام السوري الهدنة الأخيرة قبل أن يجف حبرها كما هو الحال مع الهدن السابقة، فالمعارك دائرة الآن بين فصائل المقاومة ومقاتلين من قوات النظام السوري المدعومة بميليشيات حزب الله اللبناني وميليشيات ايرانية وميليشيات ارهابية أخرى، فكل القوى المعادية للشعب السوري لا ترغب في اخماد الحرب ولا ترغب في تسوية قاطعة. إيران- وهي تدعم النظام السوري- بإمكانها القيام بضغوط معينة على النظام السوري لاحترام وقف اطلاق النار غير أنها لا تريد ممارسة أي ضغط، فما يهمها هو استمرار اطلاق النار في هذا القطر المنكوب بزعامته الدموية، والحديث عن ممارسة تلك الضغوط هو عبث لا طائل منه، وهذا يعني أن محادثات السلام المزمع عقدها في أستانا ذهبت أدراج الرياح منذ الساعات الأولى لخرق الهدنة الأخيرة. الآمال كانت معقودة من قبل الأمم المتحدة على عقد محادثات أستانا على أمل أن تعقبها مفاوضات جنيف المزمع استئنافها في الثامن من فبراير القادم غير أن المحادثات والمفاوضات لن تعقد في مواعيدها المحددة في ضوء تصعيد النظام السوري خروقاته المشهودة، فلا سبيل للوصول الى حلول عقلانية لتسوية الأزمة السورية طالما بقي النظام مستمرا في تعنته ورغبته الجامحة في نقض كل الهدن.