بينما ينتظر سيف الإسلام القذافي تسوية وضعيته القانونية مع محكمة الجنايات الدولية، بدأ أنصاره في ترتيب عودته إلى المشهد السياسي في ليبيا من خلال إطلاق الجبهة الشعبية لتحرير ليبيا. انخرطت في الجبهة الشعبية لتحرير ليبيا عدة قيادات وقبائل لأجل دعم نجل القذافي في المستقبل وترشيحه إلى الرئاسة، فهل سيكون سيف الإسلام ورقة قوية في الساحة السياسية الليبية ويلعب دورا كبيرا في إيجاد حلٍ الأزمة الليبية؟ وبعد أكثر من 5 سنوات من الثورة، لازال سيف الاسلام القذافي يتمتع بشعبية في ليبيا ويحظى بمكانة كبيرة خاصة من قبل أنصار ومؤيدي نظام والده الذين عادوا في الفترة الأخيرة إلى الواجهة والنشاط، فرؤية الأعلام الخضراء وصور القذافي وابنه سيف الإسلام بات مشهدا طبيعيا ومألوفا في عدد من الشوارع الليبية. أنصار القذافي أعلنوا عن وجودهم السياسي وعودتهم إلى الساحة منذ الإعلان عن تشكيل "الجبهة الشعبية لتحرير ليبيا" قبل أسابيع، هذا التنظيم السياسي الذي أكد في بيان الإصدار أنه "سيسعى إلى تحرير الوطن من سيطرة التنظيمات الإرهابية المتسترة بالدين والمرتهنة بالعمالة للأجنبي وسيعمل على بناء دولة وطنية ذات سيادة". وفي وقت قصير جدا أعلنت عدة قيادات شعبية وتشكيلات اجتماعية عريقة إعلانها الانضمام لصفوف الجبهة الشعبية لتحرير ليبيا وتأييدها لنجل الرئيس معمر القذافي حتى يلعب دورا رئيسيا في مستقبل القرار الليبي، أهمها المجلس الأعلى للقبائل الذي يجمع عشرات القبائل من مختلف مناطق ليبيا والذي اختار منذ 2015 سيف الإسلام ممثلا شرعيا لليبيا. أشرف عبد الفتاح عضو في المجلس الأعلى للقبائل أكد أن "دعمهم لنجل القذافي يأتي بسبب قناعتهم بالدور الكبير الذي يمكن أن يلعبه في إحلال السلام ولم شمل الليبيين، كما أنهم يرون فيه منقذ ليبيا من المخاطر التي أصابتها ومن المطامع وحالة الانهيار والضياع التي وصلت إليها". وتابع قائلا" :هو أهم شخصية جامعة الآن في ليبيا حيث أنصاره متواجدين في المنطقة الغربية والجنوب وأخواله في المنطقة الشرقية وأهله وناسه في المنطقة الوسطى"، مضيفا:" يمتلك سيف الإسلام خبرة سياسية باعتباره ترعرع بالقرب من مركز صنع القرار بالإضافة إلى أنه قام بأدوار كبيرة خلال فترة حكم والده نالت الإعجاب أهمها مساهمته في حل قضية لوكربي". لكن الجنرال خليفة حفتر لديه رأي آخر في هذا الخصوص، حيث اعتبر في مقابلة مع صحيفة إيطالية مطلع العام الحالي أن "سيف الإسلام القذافي لن يكون له مستقبل في ليبيا لأنه احترق سياسيا"، لكن هذه المسألة سيقررها الشعب الليبي الذي لديه صلاحية الاختيار" يقول عبد الفتاح لـCNN بالعربية. ولا يزال سيف الإسلام القذافى يعيش تحت الإقامة الجبرية في مدينة الزنتان إلى حين الفصل في وقف ملاحقة محكمة الجنائية الدولية له عقب إقرار مجلس النواب الليبى قانون العفو العام الذي يشمل سيف القذافى وعدد من أنصار النظام السابق غير المتورطين فى جرائم إرهابية بحق أبناء الشعب الليبي. الكاتب الصحفي سامي عاشور اعتبر أن "سيف الإسلام لم يختفِ عن الساحة السياسية حتى وهو معتقلا أو تحت الإقامة الجبرية في مدينة الزنتان التي استفادت منه سياسيا وأصبح بالنسبة إليها ورقة رئيسية في اللعبة السياسية"، مضيفا أنه "قادر على أداء دور محوري في هذه الفترة". وأضاف لـCNN بالعربية قائلا ": أعتقد أنه لازال داخل الوطن وأنصاره كثر جدا ومن بينهم من انضموا لجيش حفتر إيمانا بوجوب الدفاع عن الوطن"، متابعًا: "لسيف الإسلام مشروع وسطي بين أنصار سبتمبر وفبراير قد يقبله الجميع بعد تحرير الوطن ممن جلبتهم العمالة الأجنبية". وأكدت عدة مصادر إعلامية أن سيف الإسلام القذافي لعب دورا إيجابيا خلال فترة وجوده بمدينة الزنتان في عملية مصالحة بين قبائل المدينة والقبائل التي كانت على خلاف معها كما استفاد منه أعيان المدينة في عقد عدة اتفاقيات. ولهذا السبب لا يمانع المحلل السياسي عبد الباسط بن هامل عودة سيف الإسلام إلى الساحة السياسية خاصة أنه يمتلك رصيدا شعبيا وعلاقات مع أغلب الأطراف تؤهله لأن يلعب دورا كبيرا في عملية مصالحة بين الليبيين المتنازعين، موضحا أنه "لا ينبغي إقصاء أي طرف من العملية السياسية في البلاد". وعبر بن هامل عن وجهة نظره قائلا:" أبناء البلد وحدهم القادرين على حل مشاكلهم وتجاوز خلافاتهم دون إقصاء لأي طرف، نحتاج اليوم إلى من يقود عملية المصالحة وإذا كان ابن القذافي لديه مشروع، يجب أن تترك الفرصة له للعمل وتقديم أفكاره، فالإصلاح يبدأ من الداخل أين معاناة الوطن والمواطن ولا يأتي من الخارج" ومقابل ذلك يرفض شق آخر من الليبيين بشدة عودة سيف الإسلام القذافي إلى المشهد السياسي، لأنه "جزء من نظام والده" معتبرين أنه "تسبب في الوضع الحالي الذي تعيشه ليبيا والذي يدفع ثمنه الليبيين". جبريل أبو وحيدة موظف في وزارة العدل في نظام القذافي أكد أن "عهد سيف الإسلام ولى إلى غير رجعة ولا مجال لعودته لأن نظامه انهزم"، موضحا أنه "لا يمكن أن ينتظر منه خير لأنه نشأ وترعرع على ثقافة الفساد والفوضى" إضافة إلى أنه انحاز لوالده خلال الثورة وقاتل الشعب على رأس كتائبه ولم يتعاطف معه. وختم حديثه مع CNN بالعربية قائلا: "البديل الأفضل هو العودة للشرعية الدستورية أي النظام الملكي، أما في ما يتعلق بمحاربة الإرهاب فهذا الدور يقوم به على أكمل وجه الجيش بقيادة حفتر الذي يؤيده الشعب والبرلمان المنبثق عنه في انتظار وفاق سياسي حقيقي".