«آن الأوان لكسر الحواجز في السينما الخليجية»! هكذا ترى المخرجة الإماراتية الشابة إيمان السيد الهاشمي، التي تشدد على أن الفن السابع لا بد أن يركب قطار النهضة والتطور في دول الخليج، وألا يبقى صنّاع السينما مكتوفي الأيدي، لاسيما في ظل الطفرة الحقيقية التي تشهدها السينما الخليجية في الوقت الراهن. الهاشمي عبّرت في حوارها مع «الراي» عن فرحتها العارمة بردود فعل الجمهور حول فيلمها القصير الأول «الاختيار»، كاشفة عن أن الفيلم يطرح قضية شائكة في المجتمع الإماراتي هي نفور البعض من الأجانب، ورفض العادات الغربية التي تناقض الأعراف والتقاليد لدى أهل البادية. ولفتت في سياق حديثها إلى أن «الاختيار» الذي عرض في مهرجان دبي السينمائي في دورته الأخيرة، لا تتجاوز مدته عشرة دقائق فقط، لكنه أخذ جهداً كبيراً من التحضيرات، التي استغرقت قرابة الـ9 أشهر من العمل الدؤوب، مميطة في الوقت ذاته النقاب عن فيلمها الجديد الذي يحمل عنوان «الغطاء»، ويتناول حقوق المرأة والزواج من «متلازمة الداون»، والتفاصيل في هذه السطور: • في البداية، نود التعرف على تفاصيل فيلمك القصير الأول «الاختيار»؟ - الفيلم يطرح قضية شائكة وحساسة للغاية، تكاد أن تكون من أبرز المشكلات في المجتمع الإماراتي، وهي عدم تقبل الناس للعادات الغربية، لاسيما من جانب أهل البادية، فهناك حالة من النفور الشديد بين المواطنين في دول الخليج عامة وبين الأجانب، إذ تدور أحداث فيلم حول فتاة تدعى «لورن» تقيم في الولايات المتحدة وهي من أب إماراتي وأم أميركية، لكنها تضطر للذهاب مع والدتها إلى مسقط رأس أبيها بعد أن يتوفى، بغية الحصول على إرثها من أبناء عمومتها، غير أن الأخيرين يصابون بصدمة وذهول شديدين فور رؤيتهم لابنة العم، لارتدائها التنورة القصيرة ولعدم وضعها غطاءً على الرأس على عكس النساء في بلادهم، ما حدا بأبناء عمومتها أن يضعوها أمام خيارين لا ثالث لهما، إما الزواج بأحدهم والدخول في عباءة الأسرة المحافظة، أو اختيار الحرية والعودة صفر اليدين إلى الولايات المتحدة. • وإلى أي الخيارين ينحاز رأيك؟ - أنا لست في موضع الاختيار، لكننّي أكتفي بطرح هذه القضية، وأترك الحكم للجمهور ليعبّر عن رأيه بكل شفافية، ولكي يضع النقاط على الحروف لتحديد مكامن الخطأ والصواب، إلا أنني في الوقت نفسه لستُ ضد التشبث بالأعراف والقيم الأصيلة، وفي المقابل لا يجب أن نرفض الآخر، فلكل بلد عاداته وتقاليده، ونحن ملزمون باحترام الشعوب الأخرى مهما اختلفت عاداتها وثقافاتها. • هل ترين أن الشعوب الخليجية لا تزال متقوقعة على نفسها وترفض التحرر؟ - بالرغم من الانفتاح والتطور الكبيرين في دول الخليج، فإن البعض لا يزال يرفض الانصهار مع الشعوب الغربية الأخرى، حتى أن هناك من يرى أن الزواج من الأجانب هو خط أحمر وغير مرغوب فيه على الإطلاق، في حين أن البعض لا يجد حرجاً في مثل هذه النوعية من الزيجات. • كيف تمكنتِ من تقديم قضية بهذا الحجم، خلال فيلم سينمائي قصير لا تتعدى مدته 10 دقائق؟ - أنا انطلقت من مبدأ «خير الكلام ما قل ودل»، و«الحمدلله» أنني وفريق العمل استطعنا خلال هذه المدة القصيرة أن نقدم صورة واضحة الملامح، لهذه المشكلة الحساسة جداً في المجتمع الإماراتي على وجه الخصوص، وأود أن أشير أيضاً إلى أن الفيلم يبدو في ظاهره قصيرا جداً لكنه أخذ مني جهداً كبيراً في كتابته، فضلاً عن اختيار الممثلين وعملية المونتاج وغيرها من الأمور الفنية والتقنية، حيث استغرقت التحضيرات للفيلم قرابة الـ 9 أشهر، وربما أكثر بقليل. • هل تلقيتِ بعض الاشادات أو الانتقادات، عند العرض الأول للعمل في مهرجان دبي السينمائي في دورته الأخيرة؟ -لا أخفي عليك، أنني حظيت باشادات كثيرة من جانب الجمهور الذي حضر الفيلم، الأمر الذي أعطاني دفعة معنوية كبيرة إلى الأمام، عطفاً على أنني تلقيت أيضاً بعض الانتقادات من هنا وهناك، واعتبرتها كإشارات التنبيه التي ترشدني إلى الطريق الصحيح لتلافي الأخطاء في أعمالي المقبلة، وفي كلتا الحالتين فإن الإشادات والانتقادات كانت تصب في مصلحتي، لأنها أثبتت أنني موجودة كمخرجة ولي بصمتي ولم أمر مرور الكرام. • ما الصعوبات والتحديات التي واجهها فريق العمل أثناء تصوير الفيلم؟ - أولاً أود الإشادة بأبطال الفيلم، وهم الممثلة الأميركية سبرينا أندرسون ومواري عبدالله وإبراهيم الخملي وغيرهم من الفنانين الشباب، فالجميع من دون استثناء جسدوا أدوارهم بمنتهى الحرفية، بالرغم من بعض العقبات التي اعترضت طريقنا أثناء تصوير المشاهد الخارجية، لاسيما لناحية التناغم والتفاهم بين الممثلة الأميركية وبقية الممثلين الإماراتيين المشاركين في العمل، بسبب اختلافات اللغة، فضلاً عن حدوث حالة من الاستياء الشديد لدى المواطنين والمارة، الذين شاهدوا الممثلة الأميركية وهي ترتدي التنورة القصيرة في المناطق المحافظة التي جرى فيها التصوير. • لماذا اخترتِ دخولك إلى عالم السينما من باب هذا الفيلم الذي اعتبره البعض جريئاً إلى حد ما؟ - لا يجب أن يبقى صنّاع السينما في الخليج مكتوفي الأيدي، أمام النهضة السينمائية التي يشهدها العالم أجمع، فإذا أردنا أن نقدم أعمالاً عالية القيمة وتصل إلى العالمية، فلابد من التحرر وكسر الحواجز في السينما الخليجية، وأنا هنا لا أقصد الاعتماد على الجرأة المفرطة والخادشة للحياء، وإنما في الطرح الموضوعي الذي يلامس الواقع بقوة. • منتصف مارس المقبل، ستنطلق الدورة الأولى من مهرجان الكويت السينمائي، فهل تنوين المشاركة في هذا المهرجان من خلال فيلم «الاختيار» أو غيره؟ - بالطبع، فأنا أتشرف بالمشاركة في مهرجان سينمائي كويتي، لاسيما أن الكويت «هوليوود الخليج» وتحظى بمكانة فنية مرموقة في دول الخليج، وقد أشارك بفيلم «الاختيار» أو بفيلمي الجديد «الغطاء» الذي أحضره حالياً على نار هادئة. • هل لك أن تحدثينا عن فيلم «الغطاء»؟ - هو تجربة جديدة في الفن السابع، وينتمي إلى الأفلام القصيرة، إذ تدور أحداثه في 20 دقيقة، ويسلط الضوء على حقوق المرأة، فضلاً عن نظرة البعض إلى مسألة الزواج من «متلازمة الداون». • عادة ما يثار الجدل حول مثل هذه المواضيع الحسّاسة التي تتناول شريحة معينة من بعض المرضى في المجتمع، ألا تخشين من ردة فعل عكسية في حال حدوث قصور في الحبكة الدرامية، أو تم تفسير العمل بشكل خاطئ؟ - على العكس تماماً، فأنا لن أطرح هذه القضية بشكل ساخر أو مثير للشفقة على الأشخاص المصابين بهذا المرض، وإنما سيكون الطرح هادفاً وسيحمل الكثير من العاطفة، ولكننّي يجب أن أضع في عين الاعتبار أنه قد أواجه بعض العتب أو الانتقادات، إلا أن ذلك لا يجب أن يكون حجر عثرة في طريقي. • متى سنرى إيمان الهاشمي تتولى إخراج أحد الأفلام الروائية الطويلة؟ - قريباً إن شاء الله، فأنا عندما أقرر خوض هذه التجربة فسأسعى لتقديم عمل كبير يرسخ في الأذهان، ويحوز الجوائز في أكبر المهرجانات العالمية. • وما أقصى طموحك في السينما؟ - أتمنى الحصول على جائزة الأوسكار، وسأعمل على تحقيق هذا الحلم عاجلاً أم آجلاً.