اسطنبول - تواجه تركيا خطر التعرض لمستوى جديد من التهديد على اراضيها من تنظيم الدولة الاسلامية عقب الهجوم على الملهي الليلي في اسطنبول، فالتنظيم المتطرف يستهدف البلاد التي تقاتل الجهاديين داخل سوريا. ورغم ان المسؤولية القيت على تنظيم الدولة الاسلامية في العديد من الهجمات التي شهدتها تركيا خلال العام الماضي، الا ان الاعتداء الدامي على ملهى رينا الليلي بعد 75 دقيقة من بدء العام 2017 اعتبر هدفا مميزا للتنظيم الذي اعلن مسؤوليته بكل وضوح. راى سنان الغين رئيس مجلس ادارة مركز الاقتصاد والسياسة الخارجية والباحث الزائر في معهد كارنيغي اوروبا ان "تنظيم الدولة الاسلامية قرر بوضوح استهداف تركيا". واضاف "لقد تم قطع جميع المراحل وبدأت المعركة". ضرب الهجوم على ملهى رينا الذي قتل فيه 39 شخصا، رمزا في المجتمع العلماني الذي يدين غالبية سكانه بالاسلام، اذ انه المكان الذي ترتاده النخبة في اسطنبول للاحتفال والرقص والشرب. ووقع الهجوم في منطقة اورتاكوي التي تسكنها مختلف الطوائف وتضم حتى يومنا كنائس مسيحية وكنسا يهودية يرتادها المصلون. كما جاء الهجوم ليلة راس السنة الجديدة التي يقول المتشددون الاسلاميون في تركيا انه يجب على المسلمين عدم الاحتفال بها. وقال اوزغور اولوهيسارجكلي مدير مكتب "صندوق مارشال الاميركي" الالماني في انقرة ان الهجوم استهدف "دق اسفين جديد بين الاتراك المحافظين والعلمانيين". هدف مؤكد الا ان اللافت في الهجوم ان تنظيم الدولة الاسلامية اعلن مسؤوليته عنه في بيان رسمي، في اول مرة يتباهى بشكل واضح لا لبس فيه بشن هجوم كبير في تركيا، رغم توجيه اصابع الاتهام اليه في هجمات اخرى. وكان التنظيم قد اعلن عمليات اغتيال منفردة لنشطاء سوريين مناهضين له في جنوب البلاد، كما تبنى تفجيرا في جنوب شرق البلاد في تشرين الثاني/نوفمبر، الا ان شكوكا حامت حول ذلك. وقال تشارلي وينتر من المركز الدولي لدراسة التطرف والعنف السياسي في كلية كنغز كوليج في لندن "يبدو انه تم توجيه الهجوم مركزيا بحيث انه ليس هجوما قام به احد المناصرين" للتنظيم. واضاف ان تركيا باتت خلال الاشهر الماضية "هدفا مؤكدا" للتنظيم "ربما اكثر من اي بلد اخر"، وخصوصا ان تهديدات عديدة لها وردت في مجلته "دابق". لا عصا سحرية جاء الاعتداء في الوقت الذي تنغمس فيه تركيا في حملة عسكرية مستمرة منذ اربعة اشهر داخل سوريا تهدف الى القضاء على الجهاديين والمقاتلين الاكراد واخراجهم من المنطقة الحدودية. وفي السنوات الاولى من الحرب السورية، واجهت انقرة اتهامات من حلفائها الغربيين بانها تتغاضى عن تنظيم الدولة الاسلامية وربما حتى تساعد في تناميه بوصفه حليفا مفيدا لها في حربها ضد نظام الرئيس السوري بشار الاسد. الا ان انقرة نفت هذه الاتهامات بشدة وقالت انها صنفت التنظيم منظمة ارهابية منذ 2013. وقلبت العملية العسكرية طريقة تعامل تركيا مع التنظيم وجعلت من الرئيس رجب طيب اردوغان العدو اللدود للجهاديين. وقال اولغين "تغير الوضع عندما قررت انقرة شن حملة عسكرية ضد تنظيم الدولة الاسلامية". وبخلاف البداية السريعة للعملية العسكرية التركية في سوريا، توقف التقدم عند مدينة الباب التي يسيطر عليها التنظيم المتطرف، وتكبد الجيش التركي خسائر جسيمة. ونشر تنظيم الدولة الاسلامية الشهر الماضي تسجيل فيديو يظهر احراق جنديين حتى الموت كان قد اسرهما في سوريا. وقالت انقرة ان التنظيم يحتجز ثلاثة جنود في سوريا، لكنها نفت وجود اي دليل يثبت صحة الفيديو. والقيت على الجهاديين مسؤولية مجموعة من الهجمات في تركيا منذ 2015 بينها التفجير الانتحاري الثلاثي والهجوم المسلح على مطار اتاتورك في حزيران/يونيو والذي ادى الى مقتل 47 شخصا. واضافة الى الجهاديين فان تركيا تقاتل المتمردين الاكراد الذين اعلنوا مسؤوليتهم عن تفجير مزدوج في اسطنبول عقب مباراة في كرة القدم في 10 كانون الاول/ديسمبر ادى الى مقتل 44 شخصا. وعلق اولوهيسارجكلي "لا عصا سحرية او علاجا سريعا لمشكلة الارهاب في تركيا". واضاف ان "تهديد داعش في تركيا ليس فقط نتيجة الحرب السورية، بل كذلك انعكاس للتطرف والاستقطاب داخل تركيا".