يضع رئيس الوزراء الياباني شينزو آبي قضية النهوض بالاقتصاد الراكد لسنوات مضت على قمة أعمال وزارته، خاصة بعد أن تجاوز الدين العام لبلاده عتبة المليون مليار ين. ويدافع آبي عن خطوات كبيرة للتيسير النقدي من أجل تنشيط ثالث أكبر اقتصاد في العالم وانتشاله من الانكماش الذي استمر لأكثر من عشر سنوات. وقد أثبت الخطاب الذي ألقاه رئيس الوزراء الياباني بمناسبة الذكرى الـ 68 لاستسلام اليابان في 1945 أنه يريد أن يكون قائد أمة تعمل أكثر على مستقبلها من الندم على ماضيها، بحسب الفرنسية. وأضاف رئيس الوزراء (58 سنة) الذي سبق أن تولى هذا المنصب من أيلول (سبتمبر) 2006 إلى أيلول (سبتمبر) 2007 أنه يعمل من أجل يابان قوية ومزدهرة يمكن للناس فيها أن يشعروا بالسعادة لأنهم يابانيون. ويرى هذا الليبرالي القومي أن على اليابان أن تكف عن التفكير كبلد خسر الحرب العالمية، ولذلك فقد أعطى آبي منذ عودته إلى الحكم في كانون الأول (ديسمبر) الأولوية للنهوض بالاقتصاد لكنه في الوقت نفسه لم يترك جانبا اهتماماته السياسية والدبلوماسية. ووعد آبي الذى يشغل أيضاً منصب رئيس الحزب الليبرالي الديموقراطي اليميني بأن اليابان الجديدة ستشهد إعادة الإعمار والنهوض الاقتصادي وإصلاح التربية والنهوض بالدبلوماسية وعودة الأمن. ويحظى الرجل وهو حفيد رئيس وزراء سابق وابن وزير خارجية سابق، بشعبية استثنائية (60 في المائة) بفضل التزامه الصارم وحضوره على كل الجبهات. وقد ضرب آبي عندما فاز على جونيشيرو كويزومي (2001-2006) عصفورين بحجر فكان أصغر رئيس وزراء ما بعد الحرب وأول من ولد بعد النزاع العالمي الذي انتهى باستسلام اليابان، لكن ولايته تعكرت بفضائح ومشاكل صحية، وكان غير واثق بنفسه وخسر مجلس الشيوخ قبل ستة أعوام. لكنه بعد سنوات من الغياب عن الساحة السياسية اغتنم تلك الفترة ليتغير وتحول إلى شخص واثق بنفسه مفعم بالحيوية دائم الاستعداد للتفاعل مع الأحداث. وأصبح أكثر حرية في تحركاته لا سيما أن المعارضة من يسار الوسط قد تلاشت وبات يتمتع بغالبية في مجلسي البرلمان بمساعدة حليفه حزب كوميتو الجديد الوسطي. ويريد هذا المحافظ الذي بنى شهرته على الصرامة تجاه كوريا الشمالية، أن ينهي العمل الذي بدأه قبل سبع سنوات. وبعدما أطلق على وكالة الدفاع اسم وزارة خلال ولايته الأولى وعد هذه المرة بتسمية قوات الدفاع الذاتي في الأرخبيل بجيش الدفاع الوطني. ومن الأمور التي يحرص عليها كثيرا هذا السياسي المحسوب على اليمين المتطرف جدا، تعديل الدستور المسالم الذي صاغته وفرضته الولايات المتحدة في 1947، إذ يعتبر أنه لم يعد ملائما للظرف العالمي الحالي. وما يدل على حزمه، موقفه إزاء حكومة بكين بشأن جزر بحر الصين الشرقي التي تديرها اليابان باسم سنكاكو، في حين تطالب بها بكين وتسميها جزر دياويو. ويتمتع آبي، المتزوج من ابنة رجل أعمال ثري، بدعم رجال الأعمال مثل اليمين القومي، لكنه يحاول اجتذاب الشبان الذين ليس لديهم - حسب قوله - ما يكفي من الثقة بقدرات أمتهم. ويعتبر صندوق النقد الدولي أن فشل السياسات الاقتصادية التي يطبقها رئيس الوزراء الياباني شينزو آبي سيكون له تأثير سلبي في الاقتصاد العالمي. ويساند صندوق النقد برنامج آبي الاقتصادي الذي يطلق عليه آبينوميكس ويعتبر الصندوق أن هذا البرنامج سيكون له تأثير إيجابي واضح لصافي النمو على مستوى الاقتصاد العالمي، وأنه بدون إجراء إصلاحات هيكلية وترشيد مالي وتحقيق رقم مستهدف جديد للتضخم، يمكن أن يتراجع الناتج في اليابان بنسبة 4 في المائة بعد عشر سنوات. الأمر إذاً بالغ الصعوبة أمام آبي بعد أن تجاوز الدين العام لبلاده عتبة المليون مليار ين الرمزية (7734 مليار يورو)، وهو ما جعل حكومته تفكر في إجراءات لخفض عجزها الهائل.