< وقّعت الهيئة العامة للسياحة والتراث الوطني اتفاقاً للعمل المشترك في مجال التنقيب البري والبحري مع مصلحة التراث الوطني الصيني ممثلة بمركز الآثار البحري، للقيام بعمليات التنقيب في موقع السّرين الأثري بمحافظة الليث غرب المملكة، وجرى التوقيع خلال ثاني أيام افتتاح معرض «طرق التجارة في الجزيرة العربية - روائع آثار المملكة العربية السعودية عبر العصور»، الذي افتتح الثلثاء الماضي، وذلك في المتحف الوطني الصيني في العاصمة بكين. وجاء الاتفاق تفعيلاً لبرنامج التعاون المشترك بين المملكة والصين، الرامي إلى توسيع أطر التعاون المشترك بين البلدين في مجال السياحة والتراث الوطني. وأكد نائب الرئيس المشرف العام على برنامج خادم الحرمين الشريفين للعناية بالتراث الحضاري الدكتور علي الغبان، الذي مثّل الجانب السعودي في توقيع الاتفاق، أن العمل جارٍ على تشكيل فريق عمل يمثل الجانبين السعودي والصيني للبدء في مباشرة أعمال التنقيب في موقع السّرين جنوب محافظة الليث غرب المملكة، وذلك خلال الفترة القليلة المقبلة، مبيناً أن تسريع هذا الاتفاق جاء تنفيذاً لطلب رئيس الهيئة العامة للسياحة والتراث الوطني من وزير الثقافة الصيني خلال افتتاح معرض «طرق التجارة في الجزيرة العربية - روائع آثار المملكة العربية السعودية عبر العصور» في المتحف الوطني الصيني. وأوضح الغبان أنه خلال اليوم الثاني لافتتاح المعرض، جرى تنظيم زيارة خاصة لمركز التراث البحري المغمور في الصين التابع لمصلحة الدولة للآثار، وذلك بتوجيه من وزير الثقافة الصيني، من أجل بحث تنفيذ بند من بنود التعاون الموقّعة في الاتفاق الإطاري بين الصين والمملكة، المتعلقة بالتراث الثقافي، وهو التنقيب المشترك في موقع مُختار في المملكة، مبيناً أنه وقع الاختيار على موقع السّرين الأثري، وهو ميناء يقع جنوب مكة المكرمة على البحر الأحمر، كان سابقاً من أهم المواقع الحيوية والاقتصادية في المنطقة. وقال نائب الرئيس المشرف العام على برنامج خادم الحرمين الشريفين للعناية بالتراث الحضاري: «سيقوم فريق سعودي صيني مشترك بالتنقيب في هذا الموقع، إلى جانب القيام بمسوحات تحت مياه البحر وبالتحديد في مرسى الميناء، حيث يتميز الموقع بتوافر العديد من كسر السيلادون، وهو نوع من الخزف الصيني كان يستورد من الصين في تلك الحقبة، وهو عصر أسرتي سونغ وتونغ الصينيتين التي توازي فترة العصرين الأموي والعباسي في تسلسل التاريخ الإسلامي، أي قبل ألف سنة». وأضاف: «تشكيل الفرق الميدانية والبدء في أعمال التنقيب خلال الشهرين المقبلين على أقل تقدير»، متوقعاً أن تكون نتائج هذا العمل مهمة لإيضاح المزيد من المعلومات عن العلاقات التجارية القديمة بين الأراضي الصينية وأراضي السعودية. وزاد: «يجري العمل على تشكيل الفريق من المختصين الصينيين، لمشاركة الفريق السعودي في هذا البرنامج الميداني، إلى جانب العمل على استصدار جميع الإجراءات والموافقات اللازمة لاستقبال الفريق الصيني فور الانتهاء منها بشكل رسمي»، مبيناً أنه سبق وأن زار المملكة فريق من مصلحة الآثار الصينية، وقاموا بزيارة موقع السّرين، وأعجبوا بطبيعة الموقع والتكوينات الأثرية المتوافرة فيه، والآن لديهم الحماسة للشروع في تنفيذ أعمال المسح والتنقيب الميداني. وبالعودة إلى القيمة التاريخية والأثرية لموقع السّرين الواقع على الساحل الغربي من المملكة وبالتحديد في محافظة الليث، فهو ميناء معروف على البحر الأحمر، وكان بلدة صغيرة، إلا أنه منذ أواخر القرن الخامس الهجري تطور وأصبح من أعظم الموانئ على ساحل البحر الأحمر بعد ميناء جدة، لكنه هُجر في القرن الثامن الهجري. وأطلال هذ الميناء لا تزال ماثلة للعيان، تشهد على الأنشطة الحضارية المتنوعة، من أساسات المباني، والكتابات الشاهدية الكثيرة، والكسر الفخارية، الخزفية، والزجاجية، إذ اكتسبت بلدة السرين التي نشأت بجانب الميناء أهمية مكانية على الطريق بين اليمن والحجاز براً وبحراً، بحيث أصبحت ملتقى طريقي تهامة البريين اللذين يجتمعان فيها ويفترقان بعدها شمالاً وجنوباً، كما أن ميناءها أصبح ممراً بحرياً يلعب دوراً مهماً في حركة التجارة البحرية بين موانئ البحر الأحمر، وخصوصاً موانئ الشاطئ الشرقي للبحر الأحمر التي تقع شماله وجنوبه، وكذلك صادرات السروات والقرى الداخلية.