دعت جامعة الدول العربية أمس أعضائها إلى «تجسيد روح التضامن العربي والوقوف مع الشقيقة مصر في هذه المرحلة العاصفة»، فيما أعلنت دولتا الإمارات والبحرين دعمهما «الإجراءات السيادية» التي اتخذتها السلطات المصرية لفض اعتصامي أنصار الرئيس المعزول محمد مرسي. وعبر الأردن عن قلقه من «العنف»، فيما نددت تونس بسقوط قتلى ودعت إلى «استئناف المسار الديموقراطي». وأعربت الجامعة في بيان أمس عن «بالغ حزنها وتأثرها لسقوط عدد من الضحايا والمصابين بين صفوف المدنيين وقوات الأمن المصرية خلال عملية فض الاعتصامين التي جرت في القاهرة وما تلاها من مصادمات وحرق لمنشآت الدولة واعتداء على الكنائس في عدد من محافظات مصر». وتوجهت إلى الشعب المصري وأسر الضحايا بتعازيها ومواساتها، كما أكدت «تضامها مع مصر وشعبها الأبي، واستعدادها الكامل لتقديم كل ما يطلب منها للوقوف مع مصر في هذه الظروف العصيبة». وقال بيان الجامعة إنها «تأخذ بعين الاعتبار ما قامت به الحكومة من إجراءات سيادية وتقدير للموقف لمواجهة التطورات الخطيرة واحتواء الانفلات الأمني وتحمل مسؤولياتها الوطنية لحفظ أمن واستقرار الوطن»، داعية الأطراف السياسة المصرية كافة إلى «انتهاج الحوار السلمي لمعالجة أبعاد هذه الأزمة وتحقيق المصالحة الوطنية وتجاوز تداعيات الأحداث المؤلمة وتوفير المناخ المناسب لمشاركة جميع المصريين بلا إقصاء للانخراط في تنفيذ خارطة طريق المستقبل وإجراء انتخابات برلمانية ورئاسية عاجلة لاختصار المرحلة الانتقالية وتحقيق المطالب المشروعة التي عبر عنها الشعب المصري خلال ثورتي 25 يناير 2011 و30 يونيو 2013، ببناء مجتمع ديموقراطي حر وإرساء دولة القانون وتحقيق العدالة الاجتماعية». ودعت العرب إلى «التضامن» مع مصر «حتى تظل مصر المستقرة والقوية عنصراً فاعلاً في حفظ الأمن الجماعي العربي ومنارة للتنوير الحضاري ولاستقرار المنطقة ورقيها». وأكدت الإمارات والبحرين تفهمهما لتحرك السلطات المصرية، كما طالبتا المصريين بالانخراط في الحوار والمصالحة الوطنية. وقالت وزارة الخارجية الإماراتية في بيان نقلته وكالة «فرانس برس» إنها «تؤكد تفهمها للإجراءات السيادية التي اتخذتها الحكومة المصرية بعدما مارست أقصى درجات ضبط النفس خلال الفترة الماضية». واعتبرت أن «جماعات التطرف السياسي... أصرت على خطاب العنف والتحريض وعلى تعطيل المصالح العامة وتقويض الاقتصاد المصري ما أدى إلى الأحداث المؤسفة». إلا أنها شددت على «حرصها على تجنيب مصر والمصريين العنف وإراقة الدماء وتحض على المباشرة في المصالحة الوطنية والالتفاف حول خريطة الطريق بما يحقق الانتقال السياسي والمدني والديموقراطي المطلوب». واعتبرت البحرين في بيان رسمي أن «ما تقوم به السلطات المختصة في مصر من جهود لإعادة الأمن و الاستقرار والنظام إلى الحياة العامة هو حق من حقوق المواطن المصري على الدولة التي يجب أن تعمل ما في وسعها لرعاية مصالحه والمحافظة على حقوقه كافة ومصدر رزقه». وشددت على أن «حق التعبير عن الرأي بشتى الوسائل السلمية بما في ذلك التجمعات و الاعتصامات هو حق مكفول للجميع ما تم الالتزام بالقانون والنظام ولم يعطل مصالح المواطنين أو يعرض حياتهم للخطر». ودعت إلى «الانخراط في الحوار والمصالحة للتوصل إلى توافق وطني يجنب مصر المخاطر ويقودها لأخذ دورها الريادي في العالمين العربي والإسلامي». وفي القاهرة، استنكر الناطق باسم وزارة الخارجية المصرية في شدة تصريحات الخارجية القطرية عن أن المعتصمين كانوا عزلاً وأسف قطر لفض الاعتصام بالقوة. وقال إن «مصر تستنكر مجدداً مثل هذه التصريحات غير المسؤولة والتي تنم عن عدم إلمام بالواقع وتجافي الحقيقة التي يظهرها التصوير الجوي والتي أكدت بما لا يدع مجالاً للشك أنه لم تكن هناك اعتصامات سلمية على الإطلاق وانه تم استخدام العنف والأسلحة ضد قوات الأمن». وأضاف أنه «لا توجد حكومة في العالم تحترم شعبها يمكن أن تقبل ترويع مواطنيها». وفي أول تعليق لها، أعربت الحكومة الأردنية أمس عن أسفها للتطورات الدامية التي عاشتها مصر خلال اليومين الماضيين، فيما صعدت جماعة «الإخوان المسلمين» في الأردني من حراكها في الشارع وخطابها ضد السلطات المحلية، التي اتهمتها بدعم «الانقلاب العسكري» على الرئيس المعزول محمد مرسي «منذ اللحظة الأولى». وقال الناطق باسم الحكومة الأردنية الوزير محمد المومني في تصريح مقتضب لـ «الحياة»، إن بلاده «تشعر بالأسف والألم لما تعيشه مصر اليوم». وأضاف: «نأمل في أن تستمر الشقيقة مصر بدورها الريادي على مستوى الإقليم، والدفاع عن قضايا الأمة العربية، وأن تتوافق القوى السياسية هناك، على حل يخرجها من الأزمة التي تعصف بالبلاد». ودانت تونس أمس في شدة «التصعيد الأمني الخطير والاستعمال المفرط للقوة في حق المتظاهرين» في مصر ودعت إلى «استئناف مسار الشرعية والعودة في أسرع وقت ممكن إلى نظام ديموقراطي سليم». وقالت وزارة الخارجية التونسية في بيان: «على أثر الأحداث الأليمة التي حصلت في مصر الشقيقة، وأدت إلى سقوط مئات الضحايا بين قتلى وجرحى، تعرب تونس عن إدانتها الشديدة لهذا التصعيد الأمني الخطير والاستعمال المفرط للقوة في حق المتظاهرين». وأضافت أن «تونس إذ تدعو إلى ضرورة ممارسة أقصى درجات ضبط النفس، تحذر من خطورة اللجوء إلى العنف الذي لن يزيد الأمور إلا تعقيداً ولن يساعد بأي شكل من الأشكال في تسوية الأزمة الراهنة. وتهيب في ظل هذه التطورات الخطيرة التي تهدد أمن مصر وسلمها الاجتماعي ووحدتها الوطنية، بجميع القوى السياسية والمدنية المصرية إلى التوجه نحو الحوار الجاد والمسؤول لتهيئة المناخ الملائم للمصالحة الوطنية بما من شأنه أن يجنب مصر الانزلاق نحو الفوضى ويحقن دماء أبناء الشعب المصري الشقيق ويمكن من استئناف مسار الشرعية والعودة في أسرع وقت ممكن إلى نظام ديموقراطي سليم».