وجدها الناس جثةً هامدةً بمنتصف الشارع، وقيل إن جسدها لم يكن به خدْش أو إصابة واحدة جراء السقوط، كانت ملقاةً على الأرض وعيناها تنظران لأعلى، فاغرةً فمها، وكاشفة عن أنيابها كما لو كانت تضحك أو تتميّز غيظاً قبل نفوقها. وقد أثير لغط كبير حول "نفوق القطة "، خاصة أنها من النوع السيامي الهادئ الطبع، وديعة كسولة لا تفعل في يومها سوى الأكل والتثاؤب ثم النوم. واجتمع الناس حول جثتها، يضربون أخماساً في أسداس حول كيفية نفوقها.. قد أكد أحدهم أنه رآها صبيحة نفوقها "موتها" تقف على السور الخارجي لسطح البيت بارتفاع خمسة طوابق أو يزيد، وزعَم المصدر نفسه أن "القطة" كانت ساهمةً واجمةً تنظر إلى أسفل كأنها تستعيد شريط حياتها أمام عينيها، ثم رفعت رأسها إلى أعلى كأنها تتنسم عبير الحرية أو كإعلان لتمرّدها على بيئة نشأت فيها مرغَمة أو واهمة، وأنها (والكلام للشاهد نفسه، دون تأكيد أو نفي من أحد آخر) لم تتردد لحظة، وقفزت من فوق السطح صوب الأرض قفزة واحدة ودون أن يصدر عنها صوت حتى بعد ارتطامها برصيف الشارع، فقط فغرت فاها الصغير وكشفت عن أنيابها سخريةً من حياتها أو فراراً من جو خانق.. ثم توقف المصدر عن الحديث لالتقاط أنفاسه، قائلاً إن وجهة نظره المتواضعة أن "القطة" أُصيبت منذ فترة باكتئاب نفسي حاد أوصلها للرغبة في الانتحار. ورغم غرابة التفسير وصعوبة تصديق إصابة الحيوانات عموماً، والقطط خاصة، بالأمراض والعلل النفسية، لكن وقر في نفوسنا -ونحن ننظر لجثتها على الرصيف- أننا نقف أمام لحظة فارقة وتاريخية؛ أن يتمرّد قط على بيئته ويقرر ما لا يتصوره عقل! ملحوظة: التدوينات المنشورة في مدونات هافينغتون بوست لا تعبر عن وجهة نظر فريق تحرير الموقع.