أعرف أن أكثر من سيكتفون بقراءة عنوان هذا المقال سيظنون أنني من أولئك الذي لم يشاهدوا مباراة واحدة في كرة القدم فضلاً عن أن أكون قد مارستها.. وربما لو التقوا بي لسألوني ساخرين: إن كانت الكرة (مدورة) أم (مربعة).. وهناك سأجيبهم بأنها (مكورة) وليست (مكعبة).. وربما ذهبت بعيداً لاستحضر لهم شيئاً مما كنت أفعله معها وما زلت.. وبالتأكيد أنني سأقول لهم: فضلاً.. عودوا لقراءة المقال لتدركوا علاقته بالعنوان.. نعم.. برشلونة بنجومه الكبار لم يقدموا شيئاً يقنع من يحب كرة القدم ويلعبها، ويفهم أبعادها وأجواءها؛ حين جمعهم ذلك اللقاء الودي بالمنتخب الماليزي ضمن جولتهم الآسيوية التي ترعاها (قطر للطيران).. لقد فاجأني (الكتالونيون) بمستواهم ولم يشبعوا ولو قدراً يسيراً من ذلك التلهف الذي كنت عليه ودفعني للحجز مبكراً وحضور المباراة في الملعب.. كنت أظن أنهم سيهبطون بـ (مركبة فضاء) على أرض ملعب (شاه علم) وسيحضرون معهم تلك الغرائب التي كنا نراها عن بعد عبر صورة مركزة تلتقطها أجهزة التلفاز وتبثها لنا ضرباً من السحر عشقناه لأفضل سحرة للكرة في العالم.. ولكنني وجدت أمامي مخلوقات عادية والدليل أن الماليزيين كانوا يعلبون معهم الكرة ويتبادلونها فيما بينهم بل ويصوبونها بخطورة نحو مرماهم دون خوف.. نعم.. كانوا أكثر انضباطاً حتى وهم يدافعون بأكبر عدد من اللاعبين كما هو متوقع فيما راح الكتالونيون يفتحون الملعب ويهاجمون بتلقائية دون رؤية واضحة.. وكان عليهم أن ينتظروا لأكثر من ثلاثين دقيقة حتى يسجلوا هدفهم الأول بكرة رأسية سهلة عن طريق (فابريغاس) لم يستطع حارس المرمى صدها لتلج الشباك عند الدقيقة (33).. كاد قبلها الماليزيون أن يكونوا هم المتقدمون لولا أن كرة (عمري يحيى) قد لامست القائم الأيسر.. واستمرت الهجمات على المرمى الماليزي وكانت كل كرات الفريق الإسباني تصطدم بالكثافة الدفاعية التي استمر عليها الماليزيون رغم تأخرهم بهدف.. وفي الدقيقة الأربعين من زمن المباراة كان كل من في الملعب مع الحدث الأبرز، فمن هجمة مرتدة سريعة ينجح (عمري يحيى) في تسجيل هدف تعادل غير متوقع بعد خطأ من المدافع الذي أعاد الكرة إليه ليصوبها مباشرة في الزاوية العلوية اليمنى للحارس ليفجر حماس الماليزيين و(صاحبكم) الذي رفع الشال الماليزي عالياً مشاركاً في فرحة لم تكن متوقعة.. وبصراحة لم يغير الهدف من انطباعي العام عن الكرة الماليزية التي لم تتطور كثيراً رغم أنهم خرجوا من اللقاء بنتيجة ممتازة قوامها ثلاثة أهداف مقابل هدف.. ويحيرني هذا المستوى المتواضع للكرة الماليزية منذ زمن طويل؛ خاصة ونحن نرى هذه الملاعب الضخمة كـ (شاه علم) و(بكيت جليل).. صاحب التاكسي الذي أخذنا إلى الملعب قال إنه ذهب مرة لمشاهدة مباراة ضمن الدوري المحلي وساءه المستوى المتدني فلم يعد مرة أخرى.. وقال متعجباً: لا يوجد اهتمام بهذه اللعبة رغم أنها الأكثر شعبية في العالم.. يبدو أن واقع الكرة الماليزية وترتيبها المتأخر في الكرة الآسيوية والعالمية هو من أفسد تلك المباراة الودية لأن نيمار ورفاقه بعد أن غاب ميسى بسبب اصابته أثناء الإحماء لم يكونوا بتلك الجدية التي يبحث عنها المغرمون بكرة القدم، وتاهوا فيما بينهم ولم يظهروا ذلك المستوى المعروف من التناغم والقدرة على الاحتفاظ بالكرة وتفكيك التكتلات الدفاعية للفريق الماليزي ليختل إيقاع الهجمات ويخرج أغلب الحضور غير راضين عما قدمه النجوم الأبرز عالمياً حتى وإن غاب (ميسي).. أجمل ما في ذلك الحدث الرياضي المتزامن مع تواجدي في العاصمة الماليزية كوالالمبور أنني عشت تلك الأجواء الاجتماعية للقاء.. اصطحبت معي إبني إبراهيم الطالب الجامعي وابن خالته أحمد وهو في المرحلة المتوسطة.. ذهبنا مبكراً إلى ملعب (شاه علم).. إبراهيم وأحمد حرصا على شراء (الشال) البرشلوني أم أنا فقد اخترت (الأصفر والأسود) الماليزي تضامناً مع شعب هذا البلد المسلم.