كان ممكناً أن يكون عام 2017، وهو الأخير لراوول كاسترو على رأس السلطة في كوبا، أفضل مما هو متوقع. إذ يستمر اقتصاد الجزيرة الشيوعية في التباطؤ، فيما لا تزال فنزويلا الحليفة غارقة في أزمتها، وسيدخل دونالد ترامب البيت الأبيض. وتراجع الناتج المحلي الإجمالي في كوبا وفق أرقام رسمية أُعلنت الأسبوع الحالي، بنسبة 0.9 في المئة خلال العام الحالي، مسجلاً عجزاً للمرة الأولى خلال 23 عاماً، بعد نمو بلغ 4.4 في المئة عام 2015. وحذّر وزير الاقتصاد الكوبي ريكاردو كابريساس، من أن ذلك «يضعنا في سيناريو يستحيل تغييره على المدى القصير، وسيترافق مع قيود شديدة». ويلامس عهد آل كاسترو نهايته على الجزيرة الشيوعية، إذ توفي فيدال والد الثورة الكوبية، في تشرين الثاني (نوفمبر) عن 90 عاماً، وكان أخوه راوول أعلن ترك منصبه عام 2018، من دون الكشف عن أي مؤشرات إلى خلفه المحتمل. واعتبر الخبير الاقتصادي الكوبي من جامعة «خافيريانا» في كولومبيا بافيل فيدال، أن «السنة الرئاسية الأخيرة لراوول كاسترو ستكون واحدة من الأصعب، في ما يتعلق بالسياسة الاقتصادية منذ استلامه» السلطة عام 2006. وفي سياق نمو عالمي ضعيف، لدى كوبا مشاكلها الخاصة التي يتوجب عليها مواجهتها، بين تسديد دين خارجي يُعاد التفاوض في شأنه، والغموض السياسي الذي يلف مستقبل فنزويلا الشريك الاقتصادي الرئيس، وانخفاض أسعار السكر وإنتاجه والنيكل أهم منتجاتها، وبطء وتيرة الإصلاحات لتشجيع المشاريع الخاصة والاستثمارات الأجنبية. وقال فيدال: «تُضاف إلى تلك المعادلة المعقدة، الشكوك حيال السياسة التي ستتبعها إدارة ترامب» مع وصوله إلى البيت الأبيض في 20 كانون الثاني (يناير) المقبل. إذ يُحتمل أن يبطئ الرئيس الأميركي الجمهوري المنتخب أو يعرقل التقارب التاريخي الذي بدأ نهاية عام 2014 بين العدوين السابقين إبان الحرب الباردة. وستكون لقرارات مماثلة عواقب ليست ديبلوماسية فقط، بل أيضاً اقتصادية في ما يتعلق بالفرص خارج القطاع السياحي، النشاط الرئيس في كوبا. وعلى رغم اشتداد الأزمة، تتوقع الحكومة الكوبية انتعاشاً اقتصادياً اعتباراً من عام 2017 مع نمو مرتقب نسبته 2 في المئة، مستندة إلى الأمل بـ»تحسّن وضع الاقتصاد الفنزويلي بعد الارتفاع الأخير في سعر برميل النفط»، وفق وزير الاقتصاد. ودخلت فنزويلا في أزمة كبيرة خلال العام الحالي، بسبب تدهور أسعار النفط مصدر عائداتها الرئيس، فخفضت إمداداتها من النفط إلى كوبا بنسبة 40 في المئة، بعدما كانت تصل سابقاً إلى 100 ألف برميل يومياً. ونتيجة ذلك، اضطرت كوبا إلى الحد من استهلاك الطاقة، كما عانت من تراجع الموارد لخدماتها الطبية. لكن محلّلين استبعدوا التزام أعضاء منظمة البلدان المصدرة للبترول (أوبك) بما في ذلك فنزويلا، باتفاق خفض الإنتاج الهادف إلى رفع الأسعار. وقال خبير النفط الكوبي في جامعة أوستن الأميركية في تكساس خورخي بينيون، في تصريح إلى وكالة «فرانس برس»: «أشك في أن يصبح ذلك واقعاً، لأن مبيعات النفط الخام تشكل 70 في المئة من عائدات أعضاء أوبك». واعتبر أن «ربط انتعاش الاقتصاد الكوبي بزيادة النفط الفنزويلي، هو أشبه بلعبة الروليت الروسية». وتراهن كوبا أيضاً على تدفقات أكبر لرؤوس الأموال الأجنبية. لكن البيروقراطية منعتها بالفعل من الوصول إلى الهدف السنوي، البالغ 2.5 بليون دولار. وأعرب راوول كاسترو عن إحباطه، وقال: «نحن غير راضين في هذا المجال». وإذ دعا إلى تسريع الإجراءات، استبعد كلياً «الاتجاه إلى الرأسمالية». لذا، فإن إعادة إنعاش الاقتصاد الكوبي ستعتمد إلى حد كبير على التقدم، نتيجة الانفتاح الخجول الذي باشرته الحكومة في الأعوام الأخيرة. لكن خبراء كوبيين وبينهم الاقتصادي كارميلو ميسا - لاغو من جامعة بيتسبرغ الأميركية، رأوا أن «عدداً من هذه الإصلاحات الهادفة إلى إنعاش اقتصاد الجزيرة متوقف، لا بل في تراجع في بعض الحالات»، ما يعكس ريبة القادة الكبار من تيار كاسترو حيال هذا الانفتاح.