لا تفسر موضوع التسامح بين الأديان على أنه ارتداء لقبعة بابا نويل، التقليد الأعمى لا يجعل منك شخصا مواكبا لعصره، بل يصنع منك دمية بلا عقل ولا مبدأ ترتكز عليه ما زلت أتساءل: هل الاحتفال بالكريسماس ذوبان في قيم الغرب أم هو تقليد أعمى؟ التحاور بين الأديان أو التعايش فيما بينها يعني إيجاد النقاط المشتركة بينهم، وإبراز منظومة القيم الإنسانية المشتركة؛ كالتسامح والمحبة، وضمان حقوق الإنسان وسلامته. وفي عز الفهم المطلق لقضية التسامح بين الأديان، يصر البعض على تفسيرها بشكل مبالغ فيه لدرجة أنه ينخرط في قيم لا تتبع دينه! وأقرب مثال على ذلك الاحتفال بالكريسماس أو برأس السنة. فظهور هذا النوع من البدع لدى المسلمين -أو ما أسميها بموضة العصر- قد لا يكون عن قناعة. إنما اتخذها عامة التابعين كنوع من المحاكاة والتقليد. فمن الحماقة أن تتقلد بهذا النوع من التبعية ظنا منك بأنك مواكب لعصرك أو أنك قد أصبت أم الحضارة! يحكى أنه في وسط إحدى العواصم العربية التي يعتنق غالبية سكانها الدين الإسلامي، يظهر محل لبيع مختلف أنواع الزهور وأشجار الميلاد (وهذا أمر طبيعي)، سُئل البائع في المحل عن نوعية زبائنه وما يقتنونه من هدايا خلال الاحتفالات السنوية وأعياد الميلاد، فأجاب بكل صراحة: "تلقيت طلبات كثيرة لشراء أشجار الكريسماس، وتأكد لي أن معظمهم مسلمون"! وهذا ما هو مستنكر، فقد لوحظ في الآونة الأخيرة كثرة من يحتفل بالكريسماس. ومنهم أشخاص أعرفهم شخصيا، يستعدون لهذا اليوم وكأنه يوم مقدس! برأيي إن تحقق التبعية في أي مجتمع إنما هو توقف لتقدمه العلمي أو الحضاري. وإذا تغلغلت فيه الأفكار العقيمة الفارغة أصابه الخمول والركود وسلم نفسه لقبضة غيره، فتتشكل ثقافة هذا المجتمع على التبعية والاستلاب الثقافي! فأحسن الله عزاء مجتمع يضم تلك الشريحة من الناس، وهنيئا لهؤلاء على فكرهم المنشل. البعض منا عندما يسمع عبارة "أنت مسلم لا تحتفل بأعياد الصليب"، فهو لا يتوانى عن ربطها بالسلفيين، لكن المسألة ليست مسألة سلفية أو غيرها، بل هي دعوة صريحة إلى عدم الانسياق وراء التقاليد التي لا تمثل ديانتك أو ثقافتك. فهي تعبر عن موقف ليس بالضرورة أن يستند على مذهب أو معتقد، لكنه يعارض التقليد الأعمى لكل ما هو غربي. فهذا سيدنا عيسى المسيح -عليه السلام- يقول: (طوبى للرحماء لأنهم يرحمون، طوبى لصانعي السلام)، ورب العالمين يقول في القرآن الكريم: (والله يدعو إلى دار السلام).. تسامح معهم وهنئهم بمناسباتهم، لكن لا تتبعهم وتطبق ما يفعلونه بحذافيره، لهم دينهم ولَك دينك. لهم ثقافتهم ولك ثقافتك. فلا تفسر موضوع التسامح بين الأديان على أنه ارتداء لقبعة بابا نويل، فالتقليد الأعمى لا يجعل منك شخصا مواكبا لعصره، بل يصنع منك دمية بلا عقل ولا مبدأ ترتكز عليه.. معهم معهم كالأحمق! هل سألت نفسك: لماذا المسيحي أو اليهودي لا يقلد المسلم؟ هل حصل أن طبق أحد منهم سنة أبينا إبراهيم وسنة نبينا الكريم وذبح أضحية في عيد الأضحى؟! أظن أن الفكرة وصلت. ميري كريسماس وهابي هونيكا.. ولكنك لست مهما.