لو صرف بعض معلمي المدارس وقتهم في توعية الطلاب من خطر المخدرات بدلا من تعليمهم أصول وفنون الجهاد في مشارق الأرض ومغاربها، ودروس غسل الموتى وبروفات الآخرة في الرحلات الليلية إلى القبور، ولو ركز بعض جهابذة إعداد مقررات التربية الإسلامية على توعيتهم بما تسببه المخدرات من شرور وآثام وأضرار على العقل والدين، ولو اهتمت المخيمات الصيفية باستقطاب الخبراء في مكافحة المخدرات بدلا من تحويلها إلى معسكرات تدريب على الإعداد والتمكين والتدريب على فنون القتال، ولو خصصت وسائل الإعلام برامج ثابتة للتوعية بالمخدرات بشكل علمي فعال بدلا من الحملات المؤقتة التي تمر مرور الكرام، لو تم قليل من ذلك لكان بالإمكان تقليل أعداد الضحايا الذين تحصدهم المخدرات بشكل مرعب في وطننا. خلال أربعة أشهر فقط ضبطت أجهزة الأمن مخدرات بقيمة 2 مليار ريال، تنوعت ما بين الصنف الثقيل الذي لا يتعاطاه إلا ذوو المال الكثير والأصناف الخفيفة التي يستطيع الطالب شراءها بتخفيضات كبيرة بجانب بوابة المدرسة ومن أقرب رصيف أومنعطف في الحي. آلاف الشباب والشابات يواجهون تدميرا ممنهجا تقوم به عصابات منظمة لها أذرعة إخطبوطية تحيط بكل مدينة وقرية، يتجول أعضاؤها الصغار في الشوارع بشكل شبه علني وبعضهم يكاد يكون معروفا للناس، ومع ذلك يستمرون في إجرامهم الذي دمر عقول الشباب وأحرق قلوب آبائهم وأمهاتهم. لقد بحت أصواتنا ونحن نطالب بإجراءات إضافية حاسمة غير ضبط المهربين فقط، لأن ما يتم إدخاله يفوق بأضعاف مضاعفة ما يتم ضبطه، فالشوارع مليئة بالهائمين على وجوههم دون وعي وقوائم الانتظار في مستشفيات الأمل القليلة عدة وعددا أصبحت بالشهور، والخارجون منها بعد شفاء وهمي يعودون إليها سريعا. شابات وشباب في مقتبل العمر، بعضهم في المرحلة الابتدائية تجاوزوا مرحلة التعاطي إلى الإدمان، والإحصاءات تصدم من يتابعها لأنها تؤكد الزيادة المستمرة لضحايا هذه الفئة العمرية. لا وقاية ناجعة ولا علاج فعالا ولا متابعة لمن يبثون السموم، والنتيجة هذه الفاجعة التي نعيشها. إننا في حرب شعواء لم نستعد لها بالأسلحة الفعالة، ولا يبدو أننا نفكر في خوضها باستعدادات تقلل الخسارة الفادحة على الأقل.