منذ الأزل، والصراع قائم بين النفس والضمير. فعادة ما تحرضك نفسك على شيء لا يقبله ضميرك، وغالبا ما يكون هذا الشيء لذيذا وممتعا ومبهرا بشكل يسرقك من عالمك، بغض النظر عن فترة احتفاظك به، قصيرة كانت أم طويلة. قد نعيش هذا التذبذب جميعا دون استثناء باختلاف تفاصيله، ولو لم نفعل لكنا ملائكة! ولأننا بشر، فنحن نشهد دوما انتصار النفس في جولات ما تلبث أن تنقلب لخسارة مرة لصالح الضمير، إن كان يقظا. فالأنفس متطلبة وأنانية، لا ترى بعينيها سوى بريق مصالحها التي تحقق لها السعادة بغض النظر عن أي شيء آخر قد تدوسه بقدمها اللاهثة. لكن نغـز الضمير ونقره الدائم لجذع الروح لا يسمح لها بالاستمرار. وهذا ما حدث مع سميرة. سميرة كانت فتاة عشرينية تهوى الفنون كثيرا، ولها ابنة خالة تدعى «سناء» تهوى إعداد الأطباق والحلويات الغريبة، إلى جانب «سعيد» الذي تربطهما به قرابة كانت سببا في نشأتهم جميعا تحت سقف العائلة الواحدة منذ الطفولة، حتى قل التواصل بينهم بعد وفاة الجد الأكبر وانتقال أفراد العائلة إلى منازل منفصلة. بعد عامين من تخرج سميرة وسناء من الجامعة، تقدم سعيد لخطبة سناء بناء على رغبة والدته التي كانت ترى فيها الزوجة المناسبة له، ولم تكن تعلم بأن قلبي سعيد وسناء كانا يخفيان عن بعضهما مشاعر ود دافئة منذ مدة لم تكن قصيرة. كان زواج سعيد سببا كافيا في ابتعاد سميرة وسفرها للخارج بحجة إكمال دراستها، بعد أن شاهدت من تحب وهو يزف إلى أخرى. مضت الأعوام الستة ببـطء ساعد سميرة على تجاهل كل تلك الآلام التي عاشتها، ودفعها للعودة إلى أرضها بعد أن أنهـت الدكتوراه. سعدت كثيرا حين رأت صديقتها سناء أما لطفلين لا يشبهان إلا والدهما. إلا أن تلك السعادة لم تكن طويلة، فسرعان ما وجدت نفسها تغرق يوما بعد يوم دون مقاومة في أحاديث ولقاءات أحيت الود القديم، متناسية أن ذلك القلب لم يعد ملكا لها، بل لصديقتها سناء ولتلك الأرواح البريئة المتناثرة في أرجاء المنزل. ظلت تتلوى لأسابيع بين الـ «لا» والـ «نعم» ! بين ما تحب وما تريد!. وبما أن الصراع بين نفسها وضميرها كان دوما ما ينغص عليها لحظات الفرح والشوق والحنين القصيرة، لم تجد بدا من إسكات صوت النفس.. والابتعاد!. معلنة فوز الضمير في هذه الجولة!.