استعجلت القوى الكردية التي تبسط سيطرتها على مناطق واسعة شمال سوريا، وعلى رأسها «الحزب الديمقراطي الكردي» و«قوات سوريا الديمقراطية»، المحادثات المستمرة منذ سنوات لإقرار «عقد اجتماعي» أو دستور يتم فرض تطبيقه في المدن والقرى الخاضعة لسيطرة هذه القوات، استباقًا للمحادثات المرتقبة في الآستانة بين المعارضة والنظام برعاية إقليمية ودولية. وأعلن مسؤولون أكراد أن اجتماعات تعقد في منطقة رميلان منذ مطلع الأسبوع سيتم في ختامها التصديق على مضمون هذا العقد الذي يحدد «نظام الأقاليم وحقوق وصلاحيات هذه الأقاليم ومجالس الشعوب». وأفادت مصادر مشاركة في الاجتماعات بأنّه وبعد التصويت على اسم النظام والموافقة بالإجماع على تغيير اسم الفيدرالية إلى «النظام الاتحادي الديمقراطي لشمال سوريا» بدلاً من «النظام الاتحادي الديمقراطي الفيدرالي لروج آفا - شمال سوريا»، ناقش المجتمعون آلية المجالس، ومجالس المقاطعات والهيئة التنفيذية للمقاطعة، ونظام الأقاليم وحقوق وصلاحيات الأقاليم ومجالس الشعوب في الأقاليم. وقالت نوروز، من وحدات حماية المرأة في تصريح لـ«الشرق الأوسط»، إن نحو 30 حزبًا كرديًا وعربيًا يشاركون في هذه الاجتماعات تمثل كل مكونات الشعب السوري من «العشائر العربية وسريان أشور وكرد وعرب وتركمان»، موضحة أن «هذه الخطوة تأتي استباقًا لجولة المفاوضات المزمع عقدها في كازاخستان». وأشارت نوروز إلى أنّه سيتم الالتزام ببنود العقد الاجتماعي في كل مناطق سيطرة «قوات سوريا الديمقراطية» من «ديرك حتى كوباني وعفرين ومنبج وصرين والشدادي حتى الرقة بعد تحريرها». وتهدف هذه الخطوة إلى تعزيز الحكم الذاتي لمناطق بشمال سوريا شكل فيها الأكراد بالفعل أقاليم تحكم نفسها منذ بداية الصراع في سوريا عام 2011. وقالت هدية يوسف، التي ترأس مجلسًا مؤلفًا من 151 عضوًا، إن الخطة التفصيلية ترقى إلى مستوى دستور وتعرف باسم العقد الاجتماعي، وأنه من المتوقع أن يقر المجلس الخطة الأربعاء أو الخميس في اجتماع بمدينة رميلان. وأضافت في رسالة مكتوبة وصلت لوكالة «رويترز» أنها تتوقع التصديق على الخطة لأن محتواها نوقش مع كل الجماعات والأطراف السياسية مرارًا، لافتة إلى أن صيغة المسودة كتبت بالتوافق. وقالت هدية: «سوف نوضح من خلال العقد كيفية البدء في تشكيل مؤسساتنا ونظامنا الإداري. وسنبدأ بالتحضير للانتخابات. في البداية ستجرى انتخابات لاختيار إدارات إقليمية تعقبها انتخابات لاختيار هيئة مركزية». وبدأ المجلس الذي ترأسه يوسف اجتماعه أول من أمس الثلاثاء، ويُعتبر هذا المجلس بمثابة «جمعية تأسيسية» يقول مسؤولون فيه إنه يضم أعضاء من كل الجماعات السياسية والعرقية والدينية في المنطقة. من جهته، أوضح نصر الدين إبراهيم، وهو سياسي كردي آخر يشارك في الاجتماع أن كلمة «روج آفا» التي تشير إلى شمال سوريا باللغة الكردية، أسقطت من اسم النظام الحكومي المقترح خلال الاجتماع. وأضاف أنه قاد 12 حزبًا كرديًا لإبداء تحفظات لكنهم لن يعيقوا التصديق على الوثيقة. أما السياسية الكردية فوزة أحمد فلفتت إلى أن «الجماعات التي ستوقع على الدستور الجديد لا تستبعد المشاركة في محادثات السلام المستقبلية»، مضيفة أنها لم تتلق دعوة للمشاركة في اجتماع كازاخستان. وعلّق عبد الباسط سيدا، المعارض الكردي، عضو الائتلاف السوري والرئيس السابق للمجلس الوطني السوري على الاجتماعات الحاصلة في رميلان والتوجه لإقرار دستور لمناطق سيطرة «الحزب الديمقراطي الكردي»، في تصريح لـ«الشرق الأوسط» قائلاً إنّها تندرج في إطار «استباق الأحداث، وفرض أمر واقع قبل المحادثات المرتقبة في الآستانة، من خلال السعي لتشكيل وفد كردي حسب تطلعات الـPYD، الذي يصر على الاستفراد بالورقة الكردية». ورأى سيدا أن «سوريا لا يمكن أن تعود للنظام المركزي المتشدد الحالي، وهي لا شك يجب أن تعتمد في المستقبل نظامًا لا مركزيًا، إلا أن طبيعة هذا النظام وكيفية التعبير عنه دستوريًا يجب أن يحصل بنقاش مستمر بين كل مكونات الشعب السوري».