كنت إلى عهد قريب أستغرب عندما يصر شاب الاقتران بفتاة ترفضه. لكني قرأت أخيرا عدة مقالات غيرت نظرتي تماما. فقد اكتشفت مرضا يسمى (إدمان الحب). هذا المرض يعطل قدرات المرء على التفكير ويجعله يتخيل واقعا مختلفا. فالمصابون بهذا المرض يرون في حبيبهم، الحياة كلها. فكل ما يسمعونه منه يعدونه إطراء حتى لو كان هجاء مهما حاول الآخرون إرشادهم ونصحهم. ومن أعراض هذا الإدمان الذي كتبت عنه كثيرا الباحثة في علم الأحياء البشري، هيلين فيشر، التالي: 1 - التفكير في الحبيب طوال الوقت على حساب المهام المنوطة به ما يترتب عليه إخفاق علمي وعملي كبيران. 2 - التعرض للابتزاز العاطفي من الطرف الآخر دون أدنى مقاومة خوفا من غيابه في حياتك. 3 - عدم استقلالية الرأي. الشخص الآخر هو من يستأثر بالقرارات الكبرى والصغرى. 4 - ينحصر العالم في شخص واحد. ويشكل رحيله عنه أزمة لا ترحل. وتزداد هذه الأعراض عند الانفصال أو انسحاب الطرف الآخر تماما من حياته. فيتعامل المخ مع هبوط الأنزيمات المفاجئ كتعامله مع المواد المخدرة التي اعتاد استخدامها المدمن. فيشعر بألم فادح، وفقدان الشهية، والانعزال، وعدم الرغبة في الخروج أو الدراسة أو العمل أو الإنتاج. فوجود شخص تحبه كثيرا بجوارك يزيد المادة الكيميائية Phenyl ethylamine (فينيل اثلامين) في جسمك ويمدك ببهجة وحماسة ونشوة قريبة إلى حد ما من المشاعر اللحظية التي يعيشها المدمنون على المخدرات. ويرتفع منسوب هذه المادة في الجسم كذلك عند أكل الشوكولاتة أو التهام الحلويات التي ارتبطت بذكريات سعيدة في الطفولة. وأفضت دراسة قامت بها الباحثة فيشر إلى أن هذا الإدمان على الرغم من أعراضه الجسيمة لكنه قابل للشفاء متى ما ابتعد المحب عن أي ذكريات تربطه بحبيبه السابق، وكف عن ملاحقة أخباره. والأهم الانشغال بالإنجاز والعمل لأنه يساعد على الاستقلال وارتفاع معدل الثقة بالنفس. لا شك أن الحب يضيء حياة أي إنسان. فلا تجعله يظلم حياتك. عندما يصبح الحب مصدرا للتعاسة والخيبات فهذا مؤشر خطير يستدعي مراجعتنا وتأملنا. من يحبك سيجعلك إنسانا أكثر حيوية ونجاحا وبريقا. وأي علاقة لا تمنحك هذا الضوء انصرف عنها من أجلك ومن أجل غدك المشرق مع شخص آخر بإذن الله.