يعرض وزير الخارجية الأميركي، جون كيري، الذي تنتهي ولايته بعد 4 أسابيع رؤيته، الأربعاء 28 ديسمبر/كانون الأول 2016، لعملية السلام بين إسرائيل والفلسطينيين. ولا يزال حل الدولتين هدفاً عجزت أجيال متتالية من الدبلوماسيين الأميركيين عن تحقيقه. إلا أن كيري يريد أن يترك بصمته في الأيام الأخيرة لإدارة الرئيس باراك أوباما، بينما الحكومة الإسرائيلية ترفض أي تدخل أو ضغوط من الخارج. وقال المتحدث باسم كيري، مارك تونر، أمام صحفيين، إن كيري يشعر بأن "من واجبه في الأسابيع والأيام الأخيرة أن يعرض ما يرى أنه طريق نحو حل الدولتين". وتابع تونر: "من المهم دائماً أن نواصل الجهود لتحريك عملية السلام قدماً، وأن نعرض خططاً بنّاءة للمستقبل". المفاوضات بين حكومة رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو وإدارة الرئيس الفلسطيني محمود عباس معلقة منذ أبريل/نيسان 2014. تحديات غير مسبوقة ويواجه كيري، الذي من المرتقب أن يقدم اليوم "رؤية شاملة" لكيفية إحياء عملية السلام، تحدييْن كبيريْن غير مسبوقيْن: التحدي الأول هو غضب نتنياهو إثر قرار أوباما الأسبوع الماضي عدم استخدام حق الفيتو ضد قرار لمجلس الأمن الدولي يطالب إسرائيل بوقف الاستيطان فوراً. أما التحدي الثاني، فهو قرار الرئيس الأميركي المنتخب دونالد ترامب تبني موقف أكثر مرونة حيال إسرائيل وتعيينه سفيراً يريد نقل سفارة الولايات المتحدة إلى القدس. وحذر القادة العرب من أن مثل هذا القرار يمكن أن يؤدي إلى عواقب دبلوماسية إقليمية واستنكار فلسطيني، كما أن نتنياهو لا يشعر بأي ضرورة للتحرك قبل أداء ترامب اليمين الدستورية في 20 يناير/كانون الثاني 2017. إلا أنه من الواضح أن أوباما وكيري ليسا مستعديْن للتخلي عن المنطقة ويأملان أن ينقذ قرار الأمم المتحدة وموقف الولايات المتحدة عملية السلام. وعبر كيري في مطلع ديسمبر 2016 عن إحباطه إزاء رفض إسرائيل وقف البناء في المستوطنات بالضفة الغربية والقدس المحتلتين. كيري يتهم إسرائيل وحذر كيري المسؤولين الأميركيين والإسرائيليين من أن "هناك خياراً أساسياً لا بد أن يتخذه الإسرائيليون والقيادة الإسرائيلية وكل الذين يدعمون إسرائيل وتهمهم شؤونها". وتساءل كيري: "هل سيستمر تطبيق سياسة الاستيطان أم ستتم إقامة دولتين؟". وكان نتنياهو صرح أمام منتدى سابان الإسرائيلي-الأميركي السنوي في واشنطن بأن العقبة الأساسية أمام السلام هي عدم اعتراف غالبية العالم العربي بإسرائيل. وشدد كيري على أن تسريع برنامج الاستيطان على أراضٍ يطالب بها فلسطينيون لدولتهم المستقبلية يشكل "عقبة" أمام السلام. ومع أن هذا الموقف يجسد السياسة التي تعتمدها الولايات المتحدة منذ عقود، فإن كيري مضى أبعد من ذلك واتهم أعضاء في الحكومة الإسرائيلية بالعمل من أجل الحؤول دون التوصل إلى حل سلمي. ولا تعترف واشنطن والجزء الأكبر من الأسرة الدولية بالقدس عاصمة للدولة العبرية، وسفاراتها موجودة في تل أبيب. والقدس في صلب النزاع بين إسرائيل وفلسطين. وقد احتلت إسرائيل الشطر الشرقي من المدينة وضمته عام 1967 ثم أعلنت في 1980 القدس برمتها عاصمة لها، في خطوة لم يعترف بها المجتمع الدولي وضمنه الولايات المتحدة. لماذا تخشاه تل أبيب؟ وتبنى مجلس الأمن الدولي الجمعة 23 ديسمبر 2016 قراراً يطالب إسرائيل بوقف الاستيطان فوراً بتأييد 14 من الدول الأعضاء وامتناع الولايات المتحدة عن التصويت، ما مكن المجلس من تبنيه. وللمرة الأولى منذ 1979، لا تستخدم الولايات المتحدة حق النقض ضد مشروع قرار حول الاستيطان، فيما كانت تساند حليفتها دائماً في هذا الملف الحساس جداً. والولايات المتحدة أهم حليفة لإسرائيل، عملت تقليدياً كدرع دبلوماسية للدولة العبرية. لكنها تشعر بخيبة أمل بعد سنوات من الجهود الدبلوماسية غير المثمرة. وبررت واشنطن امتناعها عن التصويت بتأثير الاستيطان على مساعي السلام في الشرق الأوسط. وتعتزم إدارة أوباما مواصلة الضغط على الزعماء الإسرائيليين والفلسطينيين؛ لاتخاذ خطوات ملموسة لإحياء عملية السلام وإحراز تقدم نحو حل الدولتين. رغم أن القرار لا يتضمن أي عقوبات، فإن مسؤولين إسرائيليين يخشون من أن يزيد من احتمال مقاضاة إسرائيل أمام المحكمة الجنائية الدولية. كما يخشون من أن يشجع بعض الدول على فرض عقوبات ضد المستوطنين الإسرائيليين والسلع التي تنتجها المستوطنات.