أوضح بنك الكويت الوطني، أن الأنشطة الاقتصادية احتفظت بمرونتها على الرغم من تراجع أسعار النفط في العام 2016، وتأثيرها على الاقتصاد المحلي. وتوقع البنك في موجزه الاقتصادي، أن يصمد النمو غير النفطي في مواجهة الظروف الحالية، بالمقارنة مع دول مجلس التعاون الخليجي الأخرى، على أن يواصل مسار التحسن، بحيث أن بعض الإصلاحات المالية المحدودة وقوة برنامج الانفاق الحكومي، من شأنهما دعم النمو غير النفطي بنسبة تتراوح بين 3.5 و4 في المئة عامي 2017 و2018. وأشار التقرير إلى أنه بغض النظر عن ضخامة الثروة السيادية، فقد اختارت الحكومة الاعتماد على إصدار سندات دين، لتمويل جزء من عجز موازنة السنة المالية 2016 /2017، وتوقع أن تمول 50 في المئة من العجز، من خلال إصدارات الدين في العام 2017 و2018. وقدر أن تحتاج الحكومة إلى تمويل يصل إلى 6.1 مليار دينار في السنة المالية 2016/2017، بعد خصم مخصص صندوق احتياطي الأجيال القادمة، كما ستحتاج مبلغاً اضافياً بقيمة 3.5 مليار دينار لكل من العام 2017 والعام 2018. ونوهت الحكومة بأنها ستصدر سندات دين محلية ودولية بقيمة 5 مليارات دينار في السنة المالية 2016 /2017، وقد تتقلص اصدارات الدين في السنوات المقبلة. وبين التقرير أنه حتى نهاية نوفمبر الماضي، أصدرت وزارة المالية سندات محلية وصكوك إسلامية في حدود 1.5 مليار دينار، وقد ارتفع مستوى الدين إلى 3.1 مليار دينار، أو ما يقدر بنحو 9.4 في المئة من الناتج المحلي الإجمالي. ولفت إلى أن تواريخ استحقاقات الديون المصدرة، تراوحت ما بين عام واحد و7 أعوام، وتضمنت للمرة الأولى سندات دين بسعر فائدة متغير. وأفاد أن الحكومة تجري أيضاً ترتيبات لدخول سوق الدين العالمي، بحيث أعلنت وزارة المالية عن عزمها إصدار سندات دين بالعملة الأجنبية للسنة المالية 2016 /2017، بقيمة 10 مليارات دولار (3 مليارات دينار)، مؤكداً أن هذه الخطوة مهمة للكويت التي قد تستفيد من تصنيفها الائتماني المرتفع (تصنيف وكالة موديز: Aa2، وتصنيف وكالة ستاندرد ان بورز: AA، وتصنيف وكالة فيتش: AA)، وتستفيد أيضاً من الأسعار العالمية المنخفضة، متوقعاً أن يتم اصدار سندات دولية خلال الربع الأول من العام 2017. ورجح التقرير ألا يشمل الأداء الجيد كافة القطاعات خلال العامين المقبلين، بحيث يبدو بالفعل أن نمو الإنفاق الاستهلاكي قد تباطأ أسرع مما كان متوقعاً، كما يبدو أن ثقة المستهلك قد اهتزت في أعقاب الارتفاع الأخير لأسعار البنزين. وبين أنه من المتوقع أن يشهد العام المقبل مزيداً من تقليص للدعوم، لتشمل هذه المرة تعرفة الكهرباء والماء، إذ نتج عن ذلك تراجعاً في إنفاق المستهلكين بشدة في العام 2016، وبقاء الوضع ذاته في العام 2017 قبل أن تبدأ الأمور في التحسن عام 2018. ولفت التقرير إلى أنه على الرغم من ذلك، فمن المتوقع أن ينحسر العجز المالي في العام 2017، مع التحسن التدريجي لأسعار النفط، وتطبيق الحكومة لبعض الإصلاحات المالية، مرجحاً أن يبلغ متوسط سعر مزيج برنت نحو 55 دولاراً للبرميل في العام 2017، و60 دولاراً في العام 2018، على أن ينتج عن ذلك تراجع عجز الموازنة المالية إلى 8 و9 في المئة من الناتج المحلي الإجمالي. وأفاد أنه رغماً عن ذلك، فإن مخاطر تراجع أسعار النفط تمثل جانباً سلبياً للآفاق المستقبلية، منوهاً بأن تراجع أسعار النفط قد يضيف ضغوطاً إضافية على الوضع المالي والخارجي، وقد يفرض على الحكومة تخفيض حجم الإنفاق أكثر من ذلك، وربما في مرحلة ما تخفيض أو تأخير خطط الإنفاق الرأسمالي. وأظهر التقرير تسارع نمو الناتج المحلي الإجمالي من 0.5 في المئة عام 2014، إلى 1.8 في المئة في عام 2015، بدعم من الارتفاع التاريخي لمعدلات الاستثمار، مبيناً أنه في حين تشير الأرقام إلى تباطؤ نمو الناتج المحلي غير النفطي إلى 1.3 في المئة عام 2015. ورأى أنه سيتم مراجعة ذلك المعدل وزيادته عند نشر البيانات النهائية، كما تشير البيانات إلى تحسن نمو الطلب المحلي في العام 2015، مع قيام النمو القوي للاستثمارات بتعويض بعض من الضعف في الاستهلاك الحكومي واستهلاك القطاع الخاص. وتوقع أن يواصل إجمالي الناتج المحلي غير النفطي، تسجيل نمو قوي بنسبة 3.5 في المئة عام 2016، وأن يتحسن إلى 4 في المئة عامي 2017 و2018، بحيث يبدو تحسن وتيرة النمو بدعم من تسارع وتيرة تنفيذ المشروعات الرأسمالية الحكومية. وتشير البيانات الأولية إلى أن الاستثمارات الإجمالية، قد شهدت دفعة قوية في العام 2015، كما أن عدد المشروعات التي تمت ترسيتها بقيت قوية إلى حد ما في العام 2016، بما يدل على انه من المرجح استمرار النمو الاستثماري عامي 2017 و2018. نمو القروض لفت التقرير إلى أن نمو قروض القطاع الخاص، أدى إلى تحسن الأنشطة الاقتصادية، بحيث سجل نمواً بنسبة 7.2 في المئة على أساس سنوي حتى سبتمبر 2016، إذ كان النمو الائتماني قوياً ضمن قطاعات الأعمال «المنتجة» تحديداً. وبين أن الائتمان في هذا القطاع، باستثناء القروض الشخصية والشركات المالية وقطاع العقار، قد سجل نمواً بنسبة 13.6 في المئة على أساس سنوي، مقابل 6.4 في المئة على أساس سنوي في العام السابق. وتوقع أن يبلغ متوسط نمو إجمالي الائتمان 7.2 في المئة عام 2016، مرتفعاً من 6 في المئة في العام 2015، مرجحاً أن يتباطئ نمو الناتج المحلي الإجمالي في العام 2017، ليصل إلى 1.8 في المئة في العام 2016، قبل أن يتحسن مرة أخرى في العام 2017 إلى 2.7 في المئة. وعزى ضعف النمو النفطي في العام 2016 في الأساس، إلى ثبات مستوى الناتج المحلي الإجمالي الحقيقي في القطاع النفطي، والذي من المتوقع أن يتأثر بالتزام الكويت بتطبيق قرار منظمة «أوبك» المتعلق بخفض الإنتاج، مبيناً أن ذلك التخفيض يمثل للكويت نحو 4.5 في المئة من الإنتاج مبدئياً، إلا أنه من المستبعد أن يتم الحفاظ على هذا التخفيض طوال العام، ومنوهاً بأنه بالنسبة للعام 2018، فيتوقع أن يستأنف القطاع النفطي نموه بنحو 1.5 في المئة. الإنفاق الحكومي اعتبر التقرير أن تحسن وتيرة تطبيق مشروعات البنية التحتية الحكومية، هي المحرك الأساسي لآفاق النمو الاقتصادي، بحيث تهدف خطة التنمية الحكومية إلى استثمار 34 مليار دينار حتى العام 2020، وتتضمن استثمارات كبيرة مع القطاع الخاص. وأضاف أن المشروعات تنطبق على عدد يتم تطبيقه من خلال الشراكة بين القطاعين العام والخاص، بما فيها مشاريع الزور الشمالي وخيران لتوليد الطاقة الكهربائية وتقطير المياه. وأشار إلى أنه بدا واضحاً مدى تسارع وتيرة تنفيذ المشروعات منذ العام 2013، إذ تم منح مشروعات بقيمة إجمالية فاقت 7.5 مليار دينار في العام 2014، والتوقيع على تنفيذ مشاريع أخرى بقيمة 12 مليار دينار في العام 2015، بينما استمر منح المشروعات على الوتيرة ذاتها في العام 2016. وتابع أن قيمة المشروعات الممنوحة بلغت 3.6 مليار دينار حتى سبتمبر 2016، ومن ضمنها مشروع مبنى الركاب الجديد في مطار الكويت الدولي، والذي يهدف إلى رفع القدرة الاستيعابية للمطار بثلاثة أضعاف، مع حلول العام 2022، بتكلفة إجمالية تصل إلى 1.3 مليار دينار. ولفت التقرير إلى أن بيانات الحسابات القومية، أظهرت التحسن الذي طرأ على تنفيذ المشروعات مع ارتفاع الاستثمارات في العام 2015، بحيث ارتفع إجمالي الإنفاق الاستثماري بنسبة 13 في المئة خلال العام، مرتفعاً إلى 36 في المئة من الناتج المحلي الإجمالي غير النفطي، وهو مستوى غير مسبوق من قبل على مدى العشرين عاماً الماضية. وتوقع أن يشهد هذا المستوى مزيداً من التحسن، ليصل إلى 38 في المئة، من الناتج المحلي الإجمالي في العام 2018. تباطؤ قطاع المستهلك بين التقرير أنه لطالما تم اعتبار قطاع المستهلك مصدراً قوياً وثابتاً للنمو في الكويت، إلا ان ذلك قد بدأ في التغير في العام 2015 و2016، في أعقاب التراجع المتواصل لأسعار النفط، ما دفع الأسر إلى أخذ الأمور بنظرة أكثر تحوطاً. وأضاف أنه بينما يبقى قطاع المستهلك مدعوما من النمو المستمر للتوظيف والرواتب، لا سيما في القطاع الحكومي وعلى مستوى الأسر الكويتية، إلا انه رغماً عن ذلك قد بدا عليه بوادر ضعف واضحة.