موقف مصر المتوسط يمكنها من اكتساب ثقة الجميع ويمهد لها الطريق لتعود وسيطا إصلاحيا وموفقا بين الدول التي تكاد تحرق بعضها البعض، خاصة أن القادم أخطر بكثير من الماضي، فهناك دول تسن سكاكينها لتصفية حساباتها مع بعضها البعض، وإذا انحازت مصر لجانب دون الآخر، فلن تتمكن من لعب دور الوسيط لتقريب وجهات النظر وحقن الدماء، فلماذا التخوين؟ ما نراه يوميا في الإعلام هو أن رئيس مصر يتعرض يوميا لمواقف مؤسفة من قبل العرب والعجم وهو يحاول جهده، ويعمل ليلا ونهارا للخروج من عنق الزجاجة التي تضغط عليه سياسيا واقتصاديا متجاوزا عن الإهانات الشخصية التي تصيبه شخصيا وتصيب بلده مصر، ألم يكن مبارك محاطا بهيبة و"برستيج" وهالة كالعظماء، فأوصل مصر إلى ما أوصلها إليه؟ هذا الرئيس مختلف ولا يأبه بالتعظيم والتبجيل، وهو يسعى سعيا دءوبا، ويتحمل الكثير، فلماذا يهاجم ليلا ونهارا؟ حتى أن أحد المحللين فسر سحب الاقتراح بأنه "هجر لتسخين الغرام"، هذا أمر غير مقبول، وفيه ظلم وإجحاف كبيران، علام تلومون الرجل وكأنه استلم مصر قوية وغنية ثم أفسدها بسوء تدبيره؟ لقد استلمها خرابا، وقام بتنفيذ مشاريع ونفذ برنامجا للخصخصة بهدف رفع مستوى الأداء، ونفذ مشاريع سكنية واستصلاحا للأراضي، وهو اليوم في مواجهة مع أثيوبيا التي تهدد مصر في مائها، وحري بالجميع أن يعطوه فرصة لعل وعسى أن تثمر هذه المشاريع قريبا. حري بمصر أن تكون الشقيقة الكبرى وتقوم بإصلاح ذات البين، ولا تضع نفسها في جيب أحد، ولا تناصب أشقاءها العرب العداء، ولا تستخدم القوة لنصرة شقيق على شقيق، وعدوها وعدو العرب الوحيد هو الاحتلال الصهيوني، وفيما عدا ذلك، على مصر ألا تيأس وأن تتابع جهودها لامتصاص نقمة العرب على بعضهم، وأن تظل محل ثقة الجميع. سهى الجندي