استهلت لعبة كرة القدم في أميركا الجنوبية العام 2016 بالتعهد بتحسين صورتها وطي صفحة فضائح الفساد، التي ضلعت فيها اتحاداتها الكروية المختلفة، بيد أن العام، الذي كان من المفترض أن يكون بداية جديدة للقارة مع اللعبة الشعبية الأولى في العالم، انتهى بمآساة درامية كان بطلها نادي تشابيكوينسي البرازيلي. وقال رئيس اتحاد أمريكا الجنوبية لكرة القدم "كونميبول" أليخاندرو دومينجيز بعد توليه منصبه مباشرة في يناير/ كانون الثاني الماضي: "إنها الأزمة الأكبر والأعمق في تاريخ الاتحاد". وتولى دومينجيز مهام منصبه في ظل أوضاع غير مواتية ومضطربة داخل القارة الأميركية الجنوبية، بعد أن ألقي القبض على ثلاثة رؤساء سابقين لكونميبول، وهم نيكولاس ليوز واوخينيو فيجويرادو وخوان أنخيل نبوت، بالإضافة إلى غياب القيادات عن معظم الاتحادات الوطنية الأعضاء به. وأضاف المسؤول الباراغواياني: "لا يمكن أن يكون هناك ممارسات سيئة مرة أخرى، أو سلوكيات غير مقبولة أو فاسدة، هدفنا هو إعادة بناء الثقة من أجل ضمان شفافية اتحادنا". وبعد مرور عام، يمكن لـ "كونميبول" أن يتباهى بقدرته على إحداث بعض التغييرات في بنيته المؤسسية ونظام المنافسات، التي يتولى تنظيمها، ولكن تأثيرات هذه التغييرات لا تزال غير ملموسة حتى الآن. ومنذ الموافقة على اللوائح الجديدة في اجتماع جمعيته العمومية في العاصمة البيروفية ليما في سبتمبر/ أيلول الماضي، وحتى التعاقد مع مؤسسة استشارية عالمية "ارنست آند يونج"، والقبول بالخضوع لتفتيش جهات خارجية والعمل على تطوير وزيادة احترافية طاقمه الإعلامي، بدأت ملامح التغيير تسطع على الشكل العام لكونميبول. وعلى رغم ذلك، أبقى كونميبول على استقرار بعض القضايا الشائكة، مثل تمديد تعاقده مع شبكة "فوكس" التليفزيونية حتى العام 2018، وهو الإجراء، الذي اتخذه نابوت في أواخر نوفمبر/ تشرين الثاني 2015، قبل أيام من القبض عليه. وتطرح في القريب العاجل المناقصة الجديدة الخاصة بحقوق البث التليفزيوني للبطولات، التي تقام بين عامي 2019 و2022. وحظت بطولة كأس ليبيرتادوريس بالجانب الأكبر من التعديلات، التي أدخلها كونميبول على مسابقاته القارية، إذ ستمتد منافسات البطولة الأقدم في القارة الأمريكية الجنوبية طوال أشهر العام في نسختها الجديدة العام 2017. وتلعب البطولة في الفترة ما بين شهري فبراير/ شباط ونوفمبر، بالتوازي مع بطولة كأس سودامريكانا، التي ستقام في نفس الفترة. ويعتبر النظام الجديد للبطولتين المذكورتين مشابها إلى حد كبير لما يجري في بطولتي دوري أبطال أوروبا وبطولة الدوري الأوروبي. واصطدمت محاولات إثراء بطولة كأس ليبيرتادوريس مع معوقات كثيرة في جداول مواعيد باقي المنافسات والتنظيم والضغط، الذي تمارسه كل الأطراف وبكل الأساليب لإعادة توزيع مقاعد الفرق المشاركة في البطولة. وقد يكون غياب الأندية المكسيكية عن النسخة القادمة من كأس ليبيرتادوريس التراجع الأبرز، الذي أصاب البطولة، منذ العام 1998، الذي شهد بداية مشاركة هذه الأندية دون انقطاع. ومن ضمن التجارب الجديدة داخل كونميبول التفكير في تنظيم بطولة "كأس السوبر"، التي ستجمع بين المنتخبين البطلين في قارتي أميركا الجنوبية وأوروبا، كما تم اقتراح أيضا إقامة مباراة سوبر أوروبية أميركية على صعيد الأندية بين الفريقين بطلي كأس السوبر في القارتين. وتبدو هذه الفكرة في الوقت الراهن مستبعدة من قبل كونميبول، على النقيض من النجاح الكبير، الذي حالف فكرته الطموحة في إقامة بطولة كوبا أميركا المئوية، التي وعلى رغم الشكوك الكثيرة حول إمكانية إقامتها، تم استضافتها في الولايات المتحدة الأميركية منتصف العام الجاري، في إطار احتفالات الاتحاد الأميركي الجنوبي بمرو 100 عام على نشأته. وشهدت البطولة توجيه الدعوة لستة منتخبات من اتحاد أميركا الشمالية والوسطى والكاريبي "كونكاكاف". وتوجت تشيلي بلقب هذه البطولة للمرة الثانية على التوالي بعد تغلبها على الأرجنتين مرة أخرى في المباراة النهائية، إذ سبق لها الفوز على راقصي التانغو في نهائي البطولة العام 2015. ولم يكن لاحتفالات كونميبول بالمئوية صدى واسع، بسبب فضائح الفساد، التي ضربت الاتحاد في الفترة الأخيرة، كما هو الحال أيضا مع حادثة نادي تشابيكوينسي البرازيلي، التي أطفأت بدورها بهجة الاحتفالات وافجعت العالم بأسره. وسقطت الطائرة، التي كانت تقل الفريق الأول لكرة القدم لنادي تشابيكوينسي البرازيلي لمدينة ميديين الكولومبية، إذ كان الفريق في طريقه لهذه المدينة لخوض إياب نهائي بطولة كأس سودامريكانا أمام أتلتيكو ناسيونال الكولومبي. وبناء على طلب النادي الكولومبي أعلن تشابيكوينسي بطلا لكأس سودامريكانا 2016، ليشارك في نسخة العام القادم من بطولة كأس ليبيرتادوريس، على رغم غموض الإجراءات، التي سيتخذها هذا النادي المنكوب لإعادة تكوين الفريق، بعد أن فقد 19 لاعبا في الحادث. ونفى كونميبول اتهامات تواطؤه مع شركة "لاميا" للطيران، التي كانت تقل الفريق البرازيلي إلى كولومبيا، وكانت في وقت سابق تنقل العديد من منتخبات القارة الأمريكية الجنوبية. وعلى جانب آخر، تعرض نادي هوراكان الأرجنتيني هذا العام لحادث سير في فنزويلا خلال بطولة كأس ليبيرتادوريس، عندما تعطلت مكابح الحافلة، التي كان يستقلها فريقه الأول لكرة القدم. وعلى رغم محاولات تقليد الكرة الأوروبية، تظل كرة القدم في أمريكا الجنوبية على صعيد الأندية بعيدة عن المستوى الراقي، الذي تشتهر به القارة العجوز.