كم مرة سمعنا عن استخدام الأطفال في العمليات الانتحارية والقتالية في العراق وسورية واليمن وإفريقيا وتركيا وأفغانستان؟ كم مرة صعقت الإنسانية بجرائم ضد الإنسانية تحت مسميات مختلفة! ويقف العالم متفرجا يشجب ويدين ويستنكر وربما... يقلق! اجتماعات وندوات ومؤتمرات والنتيجة صفر مقابل ألف لصالح الإرهاب! تشير الدراسات التي أجريت حول هذا الموضوع، خاصة تلك التي تطرقت لداعش والجماعات الإرهابية مثل القاعدة وتفرعاتها، إلى أن طرق زج الأطفال في ساحات القتال تكون عادة عن طريق استخدامهم لنقل المعلومات أو المتفجرات أو تحويلهم إلى وقود للعمليات الانتحارية والكمائن المفخخة، وذكر جون هورجان، الباحث في جامعة ولاية جورجيا، في دراسته عن نفس الموضوع أن الأطفال يُحضرون إلى الجماعات الإرهابية، إما عن طريق أولياء أمورهم أو عن طريق خطفهم أو سحبهم من بين يدي آبائهم تحت التهديد، المهم هنا أنه يتم غسل عقولهم تدريجيا، بدءا بتوزيع الحلوى والهدايا لمن هم دون سن العاشرة أو الإغراء بالمال لمن هم في سن المراهقة، ويتم ذلك خلال الفعاليات الترفيهية أو الدروس الدينية وحلقات تحفيظ القرآن، ومن يجدون لديه الاستعداد ينقل لساحات التدريب، وخلال كل ذلك تعرض عليهم مقاطع الذبح والتنكيل، كما يشاركون في مشاهدة عمليات الإعدام في الساحات، ومن ثم وتدريجيا يتم تدريبهم على القتل والذبح! إنهم ضحايا نعم، ولكن كما يقول هورجان: "مما لا شك فيه أن ضحايا اليوم هم إرهابيو الغد، ولن ينظر أحد إليهم على أنهم ضحايا بعد الآن"! فإن لم يُقتلوا خلال المعارك أو العمليات الانتحارية التي يرسلون لتنفيذها، سوف يشكلون خلايا نائمة ستكبر بهذا الفكر المنحرف والمتطرف لترتكب فظائع أكثر دموية من الجيل الحالي! في الأسبوع الماضي صدم العالم أمام مشهد آخر للهمجية التي ابتلينا بها كأمة إسلامية وعربية، أب يفخخ ابنتيه ويرسلهما للتفجير بمواقع من يعتبرهم الكفار! وكيف أنه وضع كل منهما على ركبة وجلس يحدثهن عن الاستشهاد والتفجير، وكيف يجب أن يقوما بما فشل الرجال في فعله ممن اختاروا الحافلات الخضراء بدلا من المقاومة! ويحذرهما من القتل والاغتصاب إن لم يقوما بالتفجير، وكأنهما يفهمان ما هو! فاطمة ذات السنوات التسع، وإسلام ذات السنوات السبع تعرضتا لعملية غسل الدماغ وممن؟ من والدهما الذي أطلق عليهما "جواري محمد"! تزوير وافتراء على نبي الرحمة والإنسانية محمد، عليه الصلاة والسلام! الرجل الذي يدعى "أبو نمر" من جبهة النصرة الإرهابية، خاف على فلذات كبده من الاغتصاب ولم يخاف على زوجته "أم نمر"! وبدلا من أن يذهب بنفسه ليدفع عنهما الخطر الذي يراه، أرسلهما للموت وبكل برودة أعصاب ضغط على زر التفجير عن بعد وجلس هو وزوجته الحرباء "أم بريص" ينتظران النتائج! عادت إسلام التي كما تقول المصادر إن رجال الأمن رفضوا إدخالها إلى المركز الذي أرسلت إليه، بينما نجحت فاطمة بالمركز الآخر في الدخول ولكنها كأي طفلة شعرت بأنها بحاجة لدخول الحمام وحينما كانت بداخله، وبالطبع لم يكن يعلم الأب بذلك، تم التفجير عن بعد وقتلت فاطمة، تحولت إلى كومة من رأس وأشلاء، بينما إسلام التي نجت ما زالت قنبلة موقوتة تُعد لغزوة أخرى، كما أطلقت الأم على الحادثة، حيث إنها أنزلت مقطع فيديو، تحت عنوان "فاطمة قبل أن تغزو دمشق بيوم"! المجرمون القتلة يغزون بأطفالهم! الوحوش عبدة الشيطان وتلاميذه فاقوا المعلم واستحقوا لقب أبالسة الأرض بامتياز! ما يثير الانتباه في المقطعين أن الطفلتين كانتا بمنتهى البرود حد الخوف، لدرجة أن خرجت كلماتهما وكأنها كان يسحبها منهما سحبا، حتى إن المشاهد يشك بأن تكونا أصلا ابنتيه! وقد يقول في نفسه: "لا بد أنه قام باختطافهما وعمل إما على التهديد أو غسل الدماغ"! ومن ظهرت منقبة بحيث لم نر أي تعبير لوجهها وهي تحتضنهما لم تبد لهفة الأم على ابنتيها، لا في الحركات، ولا في نبرة الصوت، حتى إنها عندما احتضنت الطفلتين كانت ردة فعلهما بمنتهى البرود وظهرت حركاتهما كحركات رجل آلي أو ممثل فاشل يقوم بدور دون تدريب أو استعداد كاف! وكل ما قالته حينها كان بضع كلمات عن "الصبر" دون أن يرتج لها صوت أو بدن! أي صبر يا مجرمة، أي صبر يا عديمة الإنسانية، كم دُفع لك لكي تقومي بهذا الدور؟! بل كم طفلة قمت بقتلها على مذبح شيطانك "أبو بريص" كي ترضيه؟! حين تشعر القطة بأن أطفالها في خطر تتحول إلى وحش كاسر وهذه مجرد قطة! فكيف بإنسان يرى الخطر يقترب من فلذة كبده؟ نعم نتحدث عن الإنسان، ولكن هؤلاء لا ينتمون للإنسانية، بل لا ينتمون حتى لعالم الحيوان فهو أرقى منهم بدرجات! من هم؟ إنهم من يرسلون الأطفال للموت بدم بارد وقلوب من الحجارة! وباسم ماذا؟ باسم الدين، باسم الإسلام الذي هو منهم براء! أمام أفعال كهذه لا تمتلك سوى أن تقف مصدوما ترتج غضبا لما يفعلونه بأزهار الحياة، بنعم الرحمن على البشرية، بالبراءة التي لا تعرف شيئا عن طواحين الشر وبراكين الدماء التي يُقذفون بداخلها دون ذرة رحمة أو شفقة!