×
محافظة المنطقة الشرقية

بلدي الأحساء يُطالب بسفلتة وإنارة الطرق الزراعية

صورة الخبر

النسخة: الورقية - دولي كلما اقترب موعد الانتخابات البرلمانية في العراق، فتح رئيس الوزراء نوري المالكي جبهة جديدة من المواجهة. لم يبقَ في متناوله الكثير، لا في الداخل ولا في الجوار. افتتح سلسلة من الجبهات، أو هو أعاد تحريكها تحت شعار مكافحة الإرهاب. ويخوض اليوم حرباً ضد «الدولة الإسلامية في العراق والشام» (داعش). وتحت هذا الغطاء يقاتل أهل محافظة الأنبار ومدنها وعشائرها. وبعث مجدداً الصراع مع إقليم كردستان. ومع التيار الصدري وزعيمه السيد مقتدى الصدر. ومع مجلس النواب ورئيسه أسامة النجيفي. وطاولت سهامه المملكة العربية السعودية ودولة قطر. لم يوفر أحداً من الخصوم وحتى الشركاء في «التحالف الوطني الشيعي». لم يبقَ سوى رئيس «المجلس الأعلى الإسلامي العراقي» السيد عمار الحكيم الذي حذره بطريقة غير مباشرة من المساس بأي شخصية تابعة لتياره. وتوعد برد «حاسم وقوي ومفاجئ للجميع». حتى المرجعية الدينية في النجف لا تروقها سياسات زعيم «دولة القانون»، وعبرت عن ذلك في كثير من المناسبات. واتهمه الصدر أخيراً بأنه «خارج عن طاعة المرجعية الدينية». وكان ساق إليه سيلاً من النعوت والأوصاف. وحض أنصاره قبل يومين، على مقاومة «الظلم والطغيان اللذين تسببب بهما الجاثمون على كراسيّ هشة هي أوهن من خيوط العنكبوت». ودعاهم إلى الاستعداد للمرحلة المقبلة «ليس سياسياً فقط». فهل يستعد للثأر من «صولة الفرسان»؟ لا جدال في أن المالكي لن يوفر سلاحاً، أو وسيلة حتى حلول موعد الانتخابات النيابة آخر الشهر المقبل. وهو يعول بفتحه النار على كل الأطراف الداخليين وبعض الجيران، على رص صفوف أتباعه في الوسط الشيعي، ومحاولة استدراج بعض القوى في هذا الوسط للانضمام إلى المنازلة الكبرى. وليس أسهل من مخاطبة هذه القوى بلغة الخوف على المصير والمستقبل من الصراع المذهبي المحتدم في طول المنطقة وعرضها. وهو يملك من أسباب القوة ما يتيح له مكافأة الراغبين والخائفين والمترددين. وزارته التي شكلها في عام 2010، لم تكتمل. أو هو لم يكملها ليحتفظ لنفسه بوزارتي الدفاع والداخلية، إضافة إلى كونه القائد العام للقوات المسلحة. إلى هذه القوى الميدانية، يملك السلطة المالية الكاملة على المداخيل والعائدات النفطية. وأثبت في كثير من المناسبات سطوته ودالته على الجهاز القضائي. ولا يتسع الحديث هنا لقصص العراقيين عن الأمن المضطرب والسيارات المفخخة والعمليات الانتحارية، والفساد المستشري. يكفي أن البلاد لم تشهد تقدماً يذكر على صعيد الاستقرار والبنى التحتية والخدمات بعد مرور عقد على سقوط نظام البعث. وخير دليل هنا مقارنة الأوضاع المزرية للعراق بالنهضة التنموية التي شهدها ويشهدها إقليم كردستان. لم تكن هذه حال المالكي في السنوات الأربع من عمر وزارته الثانية. كانت هذه حال الوزارة الأولى. لكنه استطاع أن يفرض نفسه خياراً وحيداً لا بد منه بعد انتخابات آذار (مارس) 2010. احتفظ بموقعه على رأس الحكومة، لأن «توافق الضرورة» الداخلي والخارجي، خصوصاً بين إيران والولايات المتحدة، لم يجد بعد تسعة أشهر من المنازعات والشد والجذب، بديلاً من زعيم «دولة القانون»، متجاهلاً اعتراض شركائه في التحالف الشيعي. واعتراض دمشق وأنقرة وعواصم خليجية. وليس سراً أن اليد الطولى كانــت لطـــهران، ولا تزال حتى اليـــوم. بعض المعترضين نادى يومها بتـــولي أياد علاوي الذي جاءت كتلته «العراقية» الأولى في النتائج. لكن الجمهورية الإسلامية رفضت هذا الخيار، ومارست ضغوطاً واسعة على الكتل الشيعية الأخرى. وأرغمتها على الوقوف وراء التجديد له. يومها قال السيد مقتدى الصدر علناً أنه لولا الضغط الإيراني لما أعطى موافقته على هذا التجديد... ولم يكن موقف «المجلس الأعلى» بعيداً من ذلك ايضاً. حتى بدا أن ثمة تيارين شيعيين واحداً يوالي طهران، والآخر يود تأكيد استقلاله عنها! وبدا واضحاً من التطورات الأخيرة في العراق، أن اليد الطولى لا تزال لإيران. ولن يكون مصير دعوة السيد علاوي قبل أيام إلى رحيل حكومة المالكي أفضل من سابقتها. غالبية الكتل والمكونات توافقت السنة الماضية على إسقاطها في المجلس النيابي. لكن تدخل الجمهورية الإسلامية ودالتها على الرئيس جلال طالباني وكتلته حالا دون ذلك. وما ساعد زعيم «دولة القانون» على البقاء، وما قد يساعده على العودة لولاية ثالثة «توافق الضرورة» بين واشنطن وطهران والتأثير الكبير للأخيرة في القرار العراقي. لا يزال يتمتع برضا الجار الشرقي. ولم يبدر من واشنطن حتى الآن سوى دعمه في حربه على الإرهاب، وإن أخذ بطريقه من أخذ ويأخذ. بل قدمت وتقدم له السلاح في هذه الحرب. وكانت من أبرز الحضور والداعمين لمؤتمر مكافحة الإرهاب الذي استضافته بغداد الأسبوع الماضي. ولكن يجب الإقرار أيضاً بأن الرجل استطاع في السنوات الماضية تشتيت صفوف خصومه. أصاب كتلة «العراقية» بتصدعات وانشقاقات. واستمال في حربه الأنبارية هذه الأيام بعض رموز العشائر. وحتى صراعه مع إقليم كردستان لم يحجب بعض الأصوات الكردية التي لا تزال تنادي بالحوار معه. أفاد حتى الآن من تشتيت جبهة خصومه في الوسط السنّي وداخل الصف الشيعي نفسه. وهو يدرك أن معركته مع كردستان تظل محكومة بضوابط واعتبارات لا تمت إلى موقفه بمقدار ما تتعلق بالسياسة الكردية عموماً. أهل الإقليم حريصون على عدم الدخول طرفاً فاعلاً في الصراع بين السنّة والشيعة. ولا مصلحة لهم في استعداء الجارين الكبيرين تركيا وإيران. نهجهم الواقعي عنوانه الوحيد ما يخدم مستقبل الإقليم والاستقرار والتنمية والازدهار فيه، فضلاً عن رغبتهم في ألا تقوم مركزية قوية في بغداد تعيد إحياء ذاكرتهم وما تختزن من مآسٍ وويلات ومواجهات وانكسارات. ثمة شكوك في أن تقدم كل هذه المعارك المفتوحة مع الداخل والخارج إلى المالكي، ما يطمح إليه من التفاف واصطفاف. دلت نتائج الانتخابات البلدية الأخيرة على أن تياري الصدر و «المجلس الأعلى» حققا تقدماً عليه. وهؤلاء الشركاء في التحالف الشيعي قد لا يذعنون هذه المرة لرغبات جارهم الشرقي. فالتجديد لزعيم «دولة القانون» يعني أن سياسة إقصائهم وإضعافهم وتهميشهم ستتواصل. مع العلم أن السيد الصدر عبر في أكثر من مناسبة عن تبرّمه من الحضور الإيراني في بغداد، وميز نفسه في الموقف من الأزمة السورية. وسعى إلى التواصل مع الجيران العرب. وهو ما كان مؤملاً أن تقوم به الحكومة، ليس للتحرر من يد إيران إذا بدا ذلك صعباً، بل لإقامة نوع من التوازن بين نفوذها وموقع العراق في المنظومة العربية. وبعد الضربات التي وجهها المالكي إلى رموز سنّية، وفي ضوء الحرب التي يخوضها في الأنبار وغيرها، لن يكون سهلاً عليه اختراقات في الصف السنّي، بل فتح الباب واسعاً أمام هذا الصف للاستقواء بالجيران، بترحيله أزماته وإخفاقاته وصراعاته الداخلية إلى هؤلاء الجيران، من السعودية وقطر وغيرهما. يُقبل العراق على انتخابات في ظروف تغير فيها المشهد العام الذي كان سائداً قبل أربع سنوات. تبدل العالم العربي ونظامه. تركيا أردوغان ليست كما كانت. ومثلها سورية الأسد. وحتى إيران روحاني تحاول خلع صورة أحمدي نجاد الذي كان يعول بالتحالف بين طهران وبغداد ودمشق وبيروت على تغيير النظام العالمي! والعلاقات الدولية بين الكبار ليست على ما يرام. لذلك، ربما كان من المبكر التكهن بما ستحمله الانتخابات العراقية، وما ستفضي إليه حروب المالكي وهل تقوده إلى ولاية ثالثة أم تطوي صفحته. لا جدال في أنه أضاع فرصة كبيرة في السنوات الأربع الماضية. أخفق في تعزيز العملية السياسية التي أطلقها تفاهم إيران وأميركا على ولايته الثانية. وزاد في دفع بلاده إلى حمأة الصراع المذهبي في الداخل وفي الإقليم، تعزيزاً لموقعه وموقع حزبه، بل تحول عنصراً فاعلاً في هذا الصراع، متجاهلاً. وعزز المخاوف من التغلغل الإيراني في المشهد والقرار العراقيين. وأخفقت حكومته في إثبات قدرة العراق على إدارة شؤونه. مثلما أخفقت في استعادة الدور الإقليمي لبغداد للمساهمة في تبريد كثير من الملفات المشتعلة، كما وعد وزير خارجيتها هوشيار زيباري. وأبعد من كل ذلك ربط المالكي العراق ومستقبله السياسي بالأزمة السورية بعدما كان دفعها إلى قلب الحلف الذي تقوده إيران. رهن مسقبل البلاد بتداعيات الأزمة السورية والصورة الجيوسياسية التي ستخلفها في المنطقة عموماً. وإذا كانت هذه الأزمة مفتوحة على المجهول، فإن الأوضاع العراقية ستظل مفتوحة على شتى الاحتمالات، وربما تحدد مستقبل المالكي في ضوء موقف الكتل الشيعية وقدرتها على مقاومة رغبات طهران، قبل أن يتحدد في ضوء مستقبل جاره السوري. فإذا نجح الرئيس بشار الأسد في التجديد بدعم من حلفائه الكبار، فقد ينجح ربما في التجديد لولاية ثالثة... إلا إذا ارتأى «التفاهم» بين أميركا وإيران خلاف ذلك. علماً أنهما لم تفتحا بعد الأبواب على التفاهمات الإقليمية، وإن كان اللبنانيون نجحوا حتى الآن في إدارة خلافاتهم بالحد الأدنى من الخسائر في رعاية دولية وإقليمية! فهل تشمل الرعاية العراق لئلا ينزلق إلى حرب أهلية مدمرة؟