×
محافظة المنطقة الشرقية

فرع الاحساء يطلق ورشة عمل لموظفي الفرع وبعض موظفي مكاتب وزارة المالية خاصة بنظام...

صورة الخبر

مساء الأربعاء الماضي دخلت مع مجموعة من الكتاب والمثقفين إلى أطول اجتماع متصل طوال حياتي، استمر من الحادية عشرة حتى تباشير الخامسة من الصباح. السؤال الجوهري كيف سيكون استقبال الجمهور بلقاء من خمس أو ست ساعات مع أحد أهم صناع القرار الوطني. سيتبادر إلى الذهن فورا أن اللقاء جزء من حملات العلاقات العامة التي يعملها صاحب القرار مع قادة الرأي الوطني ومع أصحاب التأثير في تشكيل الوعي المجتمعي. سيذهب جزء آخر إلى الشكوك والظنون على أن مثل هذه اللقاءات ومع شرائح مختلفة هي جزء من شراء الأصوات والذمم. كل هذا لا يهم. مساء الأربعاء الماضي حضرت إلى مجلس الأمير محمد بن سلمان، وكان أمامي على الطاولة أنموذج اللقاءات المعلبة التي تبدأ بالتطبيل وتنتهي بالمجاملة. أنا مسؤول عن كلمتي فيما أقول إنني مع الإخوة الكتاب الآخرين فتحنا من جراح الأسئلة الوطنية ما لا يمكن لنا أن نكتبه في آلاف المقالات وآلاف الأيام حتى ولو كنا بلا رقيب. لم نترك شيئا من الأسئلة الساخنة التي حتى لا يمكن أن ترد في خيال مواطن عن اللقاء بأمير، وهناك بعض الأسئلة التي تجاوزت حد الخطوط الحمراء في كل ما يهم الشأن الوطني، ومرة أخرى لا أستطيع كتابتها في مقال، رغم أنها حظيت بما هو أكبر وأهم في الإجابة الشافية الصريحة الواضحة من الأمير محمد بن سلمان. حضرت اللقاء ولست بالخبير في الشأن الاقتصادي، ولهذا سأقول إنني على المستوى الشخصي قد لا أتفق مع كثير من القرارات الاقتصادية التي كانت في العام الأخير أو ستكون أيضا في العام القادم، قلت مباشرة لسمو الأمير محمد بن سلمان إن هذه الحزمة من القرارات سيدفع ثمنها شريحتان، شريحة الطبقة الدنيا وهي واسعة؛ وقد قلتها للأمير بأنها واسعة أكثر مما يظن، وقلت له إنني أخشى أن كثيرا من المعلومات الرقمية والإحصائية عن الواقع الاقتصادي لآلاف العائلات إما أنه لا يصل إليه، وإما أنه يصل إليه ولكن بشكل مضلل. قلت لسمو الأمير إن شرائح الطيف السعودي الواسع تشكو بكل صراحة من عدم عدالة توزيع التنمية، وأكثر من هذا تناقشنا طويلا حول هذه الأرقام، لكننا نختصر شراكة المجتمع السعودي في بضع مناطق محدودة، في حين تشتكي مناطق واسعة من البعد عن الشراكة في القرار السيادي الوطني، وهذا قد يكون مبررا في أزمان سابقة لكنه خارج عن التبرير بعد 40 سنة من إقامة الجامعات والكليات في كل المناطق. قلت له إنني أخشى من ردة الفعل الشبابية حين تدفع تكلفة مثل هذه القرارات في برامج التحول الوطني، ونحن نعرف أن أرقام البطالة النسبية الموجودة لا تعكس واقع البطالة الحقيقي، لدينا سعودة مزيفة، ولدينا ما يقرب من نصف مليون خريج كل عام في انتظار الوظيفة. قلت له إن الضغط على القطاع الخاص وتهميشه وتحجيمه قد يؤدي إلى شلل في مجمل الاقتصاد الوطني. باختصار بقي كثير من الأسئلة الساخنة التي كانت على الطاولة ولا يمكن كتابتها في مقال. لم يترك لنا الأمير محمد بن سلمان حتى فرصة التردد عن طرح أسئلة، لم نكن نتوقع أنه يمكن لها أن تكون على الطاولة. خرجت من الاجتماع، ولكي أكون واضحا صريحا، بكثير من الأمل الوطني في مستقبل واعد متحول، ومع هذا لا يمكن لي أن أصادر آرائي الخاصة في الخوف من تبعات بعض القرارات وهو أمر طبيعي ألا يتفق اثنان على برنامج واحد.