أفادت إحصاءات مغربية بأن الميزان التجاري سيسجل عجزاً يقل عن 2 في المئة من الناتج المحلي الإجمالي مع نهاية السنة، أي بتحسّن ملحوظ مقارنة بالسنوات السابقة، والتي بلغ خلالها 9 في المئة، على رغم ارتفاع فاتورة الواردات نحو ثلاثة بلايين دولار ومشتريات الرباط من القمح ومواد التجهيز، في مقابل انخفاض واردات الطاقة نحو 20 في المئة، في أضعف قيمة لها منذ ثلاث سنوات. وأوضح تقرير مكتب الصرف أن عجز الميزان التجاري «بلغ 166 بليون درهم (نحو 17 بليون دولار) خلال الأشهر الـ11 الأولى من السنة، بزيادة 18 في المئة عن قيمته قبل عام. وارتفعت الواردات بنسبة 8 في المئة مسجّلة 370 بليون درهم، ونمت الصادرات 1.4 في المئة لتصل إلى 203 بلايين درهم من المبادلات الخارجية الإجمالية للسلع، والتي قدرت بـ573 بليون درهم (نحو 58 بليون دولار). وساهم ضعف الإنتاج الزراعي في ازدياد حجم الواردات، إذ اشترت الرباط بـ40 بليون درهم (أكثر من 4 بلايين دولار) من المواد الغذائية، في مقدمها القمح الذي زادت مشترياته 37 في المئة لتعويض محصول ضعيف لم يتجاوز 3.3 مليون طن من الحبوب، في مقابل محصول كان تخطى 11 مليون طن في موسم 2014 - 2015. وتتوقع وزارة الزراعة والصيد البحري أن يتحسن الإنتاج في الموسم المقبل، بفضل عودة موسم الأمطار وحراثة خمسة ملايين هكتار من الحبوب الرئيسة. وتوقعت مصـــادر في وزارة المـــال والاقتصاد أن يقترب النمو العام المقبل من 5 في المئة من الناتج، بعد تسجيله أقل من 2 في المئة هذه السنة، بسبب موجة جفاف حادة كانــت أضرّت بالاقتصاد الزراعي الذي يمثل 16 في المئة من الناتج. وكشف مكتب الصرف المشرف على التجارة الخارجية والنقد الأجنبي، أن الصادرات الصناعية أصبحت المصدر الأول للعملة في المغرب بنحو 144 بليون درهم (نحو 15 بليون دولار) في الأشهر الـ11 من السنة، منها 50 بليون درهم من مبيعات السيارات تليها الصناعات الغذائية والبحرية 43 بليوناً، وصناعة الملابس 33 بليوناً، وأجزاء الطائرات والإلكترونيات 17 بليوناً. وفي المقابل، تراجعت صادرات الفوسفات 12.5 في المئة، بسبب استمرار الضغط على أسعار المواد الأولية في السوق الدولية. وتراهن الرباط على استصلاح الأراضي الزراعية في عدد من دول أفريقيا جنوب الصحراء، ما سيمثل سوقاً جديدة واعدة لمشتقات الفوسفات المغربي مثل الأسمدة، إذ يبني المكتب الشريف للفوسفات مصنعاً في إثيوبيا بقيمة 3.7 بليون دولار هو الأكبر من نوعه خارج المغرب، وآخر في نيجيريا لتطوير الزراعة والأمن الغذائي في دول شرق أفريقيا وغربها. وكانت مجلة «ساينس» الأميركية، توقعت أن «يلعب المغرب دوراً في تحسين الزراعة في أفريقيا، بفضل ما يملك من خبرة زراعية واحتياط فوسفات وأسمدة زراعية، قد يرتفع سعرها إلى 1200 دولار للطن في السنوات المقبلة، ويصبح المغرب بذلك من بين الدول التي ستسجل فائضاً في الميزان التجاري». وأفادت بأن المغرب «قد يتحكم بأسعار مشتقات الفوسفات مستقبلاً، عندما تزداد الحاجة إلى الإنتاج الغذائي الإضافي وتتفاقم المشاكل حول مصادر المياه». وأظهر مكتب الصرف أن السياحة وتحويلات المغتربين والاستثمارات الخارجية «عوّضت بعضاً من عجز الميزان التجاري وبلغت 125 بليون درهم (نحو 13 بليون دولار) في الأشهر الـ11 الأولى من السنة، ما سمح بتحسين وضع الاحتياط النقدي البالغ نحو 26 بليون دولار في الفترة ذاتها، وهو يكفي لتغطية 7 شهور من الواردات وحماية سعر العملة من تقلبات أسعار الصرف، على بعد أيام من إطلاق خطة التعويم باتفاق مع صندوق النقد الدولي. واستفاد المغرب من الوضع الإقليمي في مجال الحفاظ على استقرار العائدات السياحية التي تطورت 4 في المئة، وسجلت مجيء 10 ملايين سائح، 50 ألفاً منهم خلال مؤتمر المناخ في مراكش الشهر الماضي. واستفاد المغرب أيضاً، من التوتر الاقتصادي بين الاتحاد الأوروبي وتركيا، وزاد صادراته من الملابس الجاهزة والنسيج إلى أسواق فرنسا وألمانيا وإسبانيا. لكن صادرات الملابس تضررت من خروج بريطانيا من الاتحاد، حيث سجلت بعض الخسائر بسبب تراجع سعر صرف الاسترليني الذي تدنى في مقابل الدرهم من 14 إلى 12 في أقل من نصف سنة.