×
محافظة المنطقة الشرقية

السوق الشعبي يخطف أضواء مهرجان الظفرة التراثي

صورة الخبر

مفتاح شعيب تبخرت شجاعة وزير الخارجية الأمريكي جون كيري في وجه إسرائيل، عندما قدَّمت مصر مشروع قرار إلى مجلس الأمن يطالب بوقف الأنشطة الاستيطانية في الأراضي المحتلة، وهو الذي هاجم قبل أسبوعين اليمين الصهيوني المتطرف، واتهمه برفض السلام، وعرقلة قيام دولة فلسطينية. وكان متوقعاً أن تلك الشجاعة لن تدوم، وستنهار في أول امتحان فعلي، وليس هناك ما هو أمثل من فضاء مجلس الأمن للاختبار. قبل اجتماع مجلس الأمن لمناقشة مشروع القرار، أبلغ كيري مسؤولين فلسطينيين بأن بلاده ستستخدم حق النقض لإحباط أي مشروع دولي يقضي بتجميد النشاط الاستيطاني في الضفة الغربية والقدس، حيث يجري النهب والهدم وتزوير الوقائع بنسق متصاعد، مستفيداً من عجز الإدارة الأمريكية المنصرفة عن فعل شيء، ومن حماس الإدارة المقبلة لدعم كيان الاحتلال وحماية سياساته الإجرامية. وفي هذا المجال، لا يمكن للإدارات الأمريكية أن تخون تقاليدها وانحيازها للظلم في فلسطين، وترفع الفيتو في وجه قرار يناقض إرثها الطويل في الوقوف ضد طموحات الشعوب المتطلعة إلى التحرر والاستقلال، بما فيها الشعب الفلسطيني. والوقت الذي يمكن أن تنقلب فيه واشنطن على هذه السياسة مازال بعيداً، ولن يتحقق في المدى المنظور، خصوصاً في ظل إدارة الرئيس المنتخب دونالد ترامب التي تُزايد على سابقاتها بإطلاق وعود غير مسبوقة، منها نقل السفارة الأمريكية من تل أبيب إلى القدس المحتلة، ودعم الاستيطان، والإجهاز على الآمال الفلسطينية، وآخرها المطالبة باستخدام الفيتو لإحباط مشروع القرار المصري. وحين تتسلم إدارة ترامب مهامها وتباشر عدوانيتها، لن يترحم أحد من الفلسطينيين يوماً على إدارة أوباما، وهي التي باعتهم أوهاماً، وشجعت على الفوضى والحروب في الشرق الأوسط، لتهميش قضيتهم إلى أبعد الحدود، وأمدَّت الكيان بأحدث ما توصلت إليه ترسانتها من أسلحة وتكنولوجيا، وضخت أموالاً طائلة في صيغة مساعدات، يجري استخدام أغلبها في إقامة بؤر استيطانية جديدة داخل أراضٍ يفترض أنها المجال المستقبلي للدولة الفلسطينية. لم تكن الإدارات الأمريكية صادقة في كل ما تعلنه من مواقف، وما تعرب عنه من قلق، من تصرفات الحكومات الصهيونية. وفي عز ما سمي بالجفوة بين أوباما ورئيس حكومة الاحتلال بنيامين نتنياهو، كانت السياسة الأمريكية أكثر التزاماً بأمن الكيان، وحرصاً على تفوقه في الإقليم. وكان معلوماً أن الغضب الذي كان يبديه كيري من حين إلى آخر قناع مؤقت، لأنه يشذ عن قاعدة السياسة الأمريكية القائمة على تبرير الاعتداءات المستهدفة للوجود الفلسطيني. وبمناسبة الحديث المتكرر عن الدولة الفلسطينية، يبين الواقع أن مشاريع الاستيطان المستمرة وخطط التهويد قد نسفت كل مقومات تلك الدولة. وحين تقف واشنطن في وجه أي إجراء يرفع هذه المظلمة، يعني أن الواقع سيزداد سوءاً، وسيشعر الكيان أنه على حق. أما المسألة الأخطر، ليس في استخدام الفيتو الأمريكي من عدمه، وإنما في غياب الإرادة لتطبيق أي قرار يمكن أن يصدر بموافقة واشنطن، مثلما هو حال عشرات القرارات الأممية، عمرها من عمر اغتصاب فلسطين، وأشهرها القراران 242 و338، وكلها لم تُنَفَّذ، وجرى التملص منها صهيونياً وأمريكياً. وبالتجربة، يتبين أن الخلل الكبير لا يتعلق بإصدار القرارات، وإنما بآلية التطبيق التي تجعل الإرادة الدولية معلقة، والمظالم واقعة على الشعب الفلسطيني. وبهذا المنطق لن يكون الكيان الصهيوني وحده المسؤول أمام التاريخ والضمير الإنساني، بل معه كل المجتمع الدولي بلا استثناء. chouaibmeftha@gmail.com