بعد أن اعترف النائب العربي في الكنيست (البرلمان الإسرائيلي)، د. باسل غطاس، بأنه حاول تهريب 12 هاتفًا جوالاً إلى الأسرى الفلسطينيين، أصدرت لجنة النظام في الكنيست، قرارًا بالإجماع، توصي به الهيئة العامة للكنيست برفع الحصانة عنه، تمهيدًا لتفتيش بيته ومكتبه وحتى اعتقاله، إن احتاج الأمر. وجاء ذلك بعد أن قررت حرمان الأسرى من لقاء أعضاء الكنيست العرب أجمعين. وقد عقدت الهيئة جلستها في أجواء من التحريض الشديد على حزب التجمع الوطني الديمقراطي، الذي يمثله غطاس في «القائمة المشتركة»، وعلى نوابه في الكنيست، وكذلك على غطاس نفسه. وتقرر أن تعقد الهيئة العامة للكنيست، في الساعة الرابعة من بعد ظهر اليوم، جلسة استثنائية للمصادقة عليه وفتح الباب أمام الشرطة للعمل ضده. ويأتي هذا القرار بحجة «إتاحة المجال لأجهزة الأمن الإسرائيلية، لإجراء تحقيق وتفتيش بما يتصل بالشبهات التي تنسبها للنائب غطاس، والتي تتضمن إدخال أجهزة جوالة ورسائل للأسيرين وليد دقة، وباسل البزرة، ورفاقهما من الأسرى الفلسطينيين، الذين يمضون أحكامًا بالسجن لفترات طويلة في سجن (كتسيعوت) في صحراء النقب». وقد حضر اجتماع اللجنة 15 عضوًا من أعضائها، بينهم أعضاء في أحزاب المعارضة الصهيونية. وصوتوا بالإجماع مع سحب الحصانة البرلمانية. وقد قاطع النائب غطاس وبقية النواب العرب اجتماع اللجنة. وقال بيان صادر عن القائمة المشتركة، إن مقاطعة جلسة لجنة الكنيست تأتي لأنها «جلسة تحريضية واستعراضية، ومحكمة ميدانية نتيجتها معروفة مسبقًا». وقال أحد هؤلاء النواب، إن الشبهات خطيرة، ولا تورط غطاس وحده، بل القائمة المشتركة كلها. لكن الطريقة التي يدير فيها اليمين الحاكم هذه القضية، تشير إلى أنهم غير موضوعيين، ويتصرفون بهوجٍ وهستيريا عنصرية. وأضاف: «نحن في القائمة المشتركة أكثر من يهمه القانون والعمل السوي، ولسنا مرتاحين من تصرف النائب غطاس. لكن هذه الحكومة بطريقة ممارساتها وردود أفعالها، تؤكد أنها لا تحرص على القانون ولا يهمها العمل البرلماني السوي. كل ما تريده هو التحريض العنصري على العرب، لأن هذا التحريض يحقق لها الأرباح لدى العنصريين اليمينيين». وخلال أبحاث اللجنة البرلمانية، روى القائم بأعمال المستشار القضائي للحكومة، المحامي راز نزري، كيف تورط النائب غطاس فقال إن المخابرات حصلت على معلومات عن نيته تهريب الهواتف الجوالة في بداية الأسبوع الماضي (حسب وسائل الإعلام الإسرائيلية، فإن الأسرى أنفسهم كانوا يثرثرون في الموضوع بوتيرة عالية وتم تسجيل أصواتهم). وقد جرى استدعاء غطاس للتحقيق معه أمس الأربعاء، لكنه رفض المثول، مستغلاً الحصانة البرلمانية التي تتيح له أن يحدد موعدًا مريحًا للتحقيق معه. وعليه، فقد أعطيت التعليمات لتوثيق زيارته المقررة للسجن بواسطة كاميرات فيديو دقيقة ومتطورة. وقد شوهد فيها بوضوح، وهو يسلم «البضاعة» (هواتف ورسائل وشواحن) للأسيرين. وعندما طلب إليه رجال الشرطة أن يدخل معهم غرفة التحقيق رفض ذلك قائلاً إنه مشغول. المعروف أن غطاس كان يعتبر الموضوع مجرد ملاحقة سياسية لحزبه. لكنه بعدما أطلعه المحققون في الشرطة، صباح أمس، على الشريط الذي يوثق تسليم الهواتف، اعترف بارتكاب مخالفة القانون، لكنه قال إن اهتمامه بقضية الأسرى «هو عمل إنساني وأخلاقي بحت»، يقوم به ضمن مهامه البرلمانية، وإنه خلال التحقيق، في مقر وحدة التحقيق «لاهاف 433»، أجاب على جميع الأسئلة التي وجهت إليه بالكامل. وقال غطاس، إنه لم يقم بأي مخالفة تتعلق بأمن الدولة أو مواطنيها، ولم تكن لديه نيّة لذلك. وأكد على حجم الأزمة الإنسانية التي يعاني منها الأسرى، وظروف الأسر الصعبة والقاهرة التي يعانون منها. وقال إن «الأسرى هم بشر قبل كل شيء». وختم بالقول: «لا يوجد لدي ما أخفيه، ندخل ونخرج من هذه التحقيقات مرفوعي الرأس». الجدير ذكره أن لجنة أخرى للكنيست كانت قد قررت منع أعضاء الكنيست العرب من زيارة الأسرى الفلسطينيين في السجون، بسبب تصرف النائب غطاس. الأمر الذي يعتبر ضربة قاسية لهم. فهذه الزيارات، التي يقوم بها كل النواب العرب أعضاء الأحزاب الوطنية، كانت المتنفس الأهم للأسرى، حيث يكشفون ما يعانونه من ممارسات إسرائيلية قمعية، ويتحاورون في القضايا السياسية، ويوصلون الرسائل السياسية والإعلامية.