لم يتعظ العرب ولم يتعلموا مما مر بهم من نكبات وكأنها تجارب يجب أن تتكرر، حتى يفيقوا من غفلتهم وتشتتهم، وانقساماتهم، وأكبر مثال على ذلك هو ما يجري حاليا في سوريا والعراق واليمن... فلو كانت المقاومة السورية متفقة ومؤتلفة ما حصل كل هذا العبث في سوريا، وشعبها المنكوب، فهي ضحية بشار وكلابه المسعورة وضحية مقاومة زادت الطين بلة بتشتتها، وتشرذمها وتُرك الحبل على الغارب لمليشيات الموت الإيرانية، وحزب الشيطان يعبثون بسوريا وشعبها ومقدراتها بالكامل... حيث لم يبق في حلب حجر أو بشر إلا وتم استهدافه، من مليشيات سليماني القذر، بدت حلب في وضعها الحالي مدينة أشباح، بعد أسابيع من القصف، والإبادة الجماعية على يد الحاقدين من مليشيات سليماني ونصر الله، والنظام السوري الفاشي، وعلى وقع هذا الدمار المخيف رحب النظام الإرهابي السوري الطائفي المقيت بانتصاره المزيف، أمام مشهد الدم، والقتل، والدمار الذي عانت منه مدينة حلب، ويظهر سفاح دمشق وكأنه منتصر، بينما مأساة الأطفال، والنساء، والشيوخ، تتطاير إلى بلدان الجوار بحثا عن ملجأ أو مأوى يحميهم من برد الشتاء.. العالم كله يشاهد هذا المشهد الدرامي المبكي ولا يحرك ساكنا، غير الشذب والتنديد والفرجة وكأن ضحايا الفاشي بشار ليسوا من سكان المعمورة، أما (هولاكو حلب) الجديد قاسم سليماني، ومليشيات فيلق القدس، وحزب الشيطان فحدث ولا حرج، ففي مثل هذه الأيام أصابت الفصائل المسلحة الشيطان سليماني في جهة (بلدة العيس) في ريف حلب الجنوبي، إصابة بالغة الخطورة طالت (جمجمته) ودخل على إثرها الإنعاش لفترة طويلة، لترتاح الفلوجة والأنبار وكل جهات سورية من إطلالات السفاح سليماني، وبعد عام من تلك الحادثة يختار السفاح التوقيت ليعود مجددا متجولا في أحياء حلب الشرقية فوق الجثث المتناثرة، ليُعبِّر السفاح بمليشياته الطائفية عن الحقد الدفين في قلوب رموز النظام الإيراني الفاشي، والذين يرون في حلب معركتهم المصيرية، صورة المجرم سليماني أمام قلعة حلب التاريخية لم تكن لتمر دون استدعاء التاريخ الأسود للفرس وهذه القلعة بالذات، وسليماني الخبيث لم يكتف بعمليات الموت والتشريد والانتهاك بحق العراقيين في الفلوجة والأنبار، بل تكررت الصورة في الموصل بينما تنتهك مليشيات الحشد الشعبي ومرتزقة إيران كل القوانين الإنسانية لتعكس بوضوح وجلاء أبعاد التفكير الإيراني المدمر والخبيث، وأينما تحط قدم هذا الرل يحل الموت والدمار، مستمتعا بلون الدم السوري وبجدران مدينة تاريخية تهاوت بقصف أحدث الطائرات الروسية التي لم تجد من يوقفها لا عسكريا ولا سياسيا، دليل التراخي الدولي وهوان مجلس الأمن واستسلامه، لأمريكا ، وروسيا يعبثون بمقدرات الشعوب كيفما شاءوا وكأن الشعب السوري المكلوم ليس من هذا المجتمع الدولي بل من عالم آخر، وإذا كان سقوط حلب قد أوجع المعارضة السورية المشتتة، فإنه أيضا كشف عجز العواصم الغربية، خصوصا واشنطن، التي لم تجرؤ على التحرك ضد (الدب الروسي) في مواجهة مجازر أقل ما يمكن أن توصف به (أنها جرائم حرب) على مرأى ومسمع من العالم كله، وهذا العجز الدولي فضحته الصحف العالمية(Financial Times) البريطانية و (Die Welt) الألمانية وصحيفة (Libération ) الفرنسية وكلها تدين وتفضح هذا التواطؤ الدولي وأن (محرقة حلب) تعتبر أسوأ مأساة في القرن الحادي والعشرين... أما عالمنا العربي فالحديث عن وضعه الحالي محزن للغاية، أقل ما يقال عن العروبة (رحمها الله) لم يعد لها صوت ولا صولات، وكذلك العالم الإسلامي، الذي يشاهد ويسمع ويرى ما تقوم به إيران من تدخل سافر في شؤون البلدان العربية والخليجية بالذات وكذلك الإسلامية والتي تسعى من خلال جنونها وعبثها لتفكيك الأمة العربية والإسلامية وتشتيت وحدتها بأساليب قذرة ومكشوفة في العراق، وسوريا، ولبنان، واليمن، ولم تجد وقفة حازمة لا من الدول العربية ولا من الدول الإسلامية وتركت تنفث سمومها وحقدها الصفوي المجوسي الباطني في كل بلد مجاور وغير مجاور وتستغل الفقراء في كل مكان لتجنيدهم لمصائبها وأهدافها الخبيثة ولن يقوم للعراق قائمة وإيران جاثمة على أرضه، ولا البلدان الأخرى، ولابد من خروج هذه الطوائف النتنة التي تنشر البغضاء والتطرف، وتحد من استقرار الشعوب العربية والإسلامية بتدخلها السافر والوقح في كل مكان.. ولابد من تصد عربي وإسلامي لهذا المد الخبيث وإلا فلن تتوقف عن هذا العبث وهذا الجنون مادامت الطرق سالكة لها لتعمل ما تشاء.....