نعيش في مرحلة تاريخية غير واضحة الملامح، عالمياً وإقليمياً، وكل الأشياء تدعو للتشاؤم، وجولة في نشرة الأخبار كفيلة ببرهنة ذلك، لذلك صرنا نفتش عن أي أمل، عن فرحة عابرة، أو إنجاز يدعو للتفاؤل، ويشتلنا من قاع الربكة. في الأيام الماضية، الممتلئة بالدم والقتل والخراب، كان هناك خبر مختلف، لكنه مر سريعا، لأن صوت المدافع كان أعلى.. الفن دائما صوته منخفض، لكنه عميق ومستدام، لذلك يجب أن نذكر أن السينما السعودية حققت جائزتين في حفل ختام مهرجان دبي السينمائي، عن أفضل فيلم خليجي وفاز بالجائزة المخرج السعودي بدر الحمود بفيلمه فضيلة أن تكون لا أحد، وهو يحكي قصة شخص مجهول عابر سبيل يركب في سيارة ويبدأ في سرد تفاصيل حياته، والفيلم من بطولة إبراهيم الحساوي ومشعل المطيري. كما فاز المخرج السعودي الشاب محمد الهليل بجائزة لجنة التحكيم في مسابقة المهر الخليجي القصير عن فيلمه (300 كم) من بطولة خالد صقر وزارا البلوشي. نعم، مثل هذا المنجز، يستحق سرد الخبر من جديد، والتلويح به والتأكيد عليه، والرد على كل الذين يشككون بالمنتج المحلي، رغم عدم وجود أرضية ناضجة للصناعة.. لا سينما ولا معاهد متخصصة، ولا عمل احترافيا مستداما، من قبل الشركات المنتجة غالبا، ومع ذلك فازوا.. فازوا. فزت بمشاهدة أفضل فيلم خليجي، الذي ارتكز على البعد الإنساني، والقيمة المفقودة - إلى حد ما - في أعمالنا الفنية، التي تبحث وتنمي وتناقش الإنسان بدواخلنا، لأنه لا يجب أن نتعامل مع الفن، (وتحديدا السينما)، على أنه منصة صحفية، يطرح المشكلة ويقترح الحلول.. السينما، شيء آخر، آخر تماما. فضيلة أن تكون لا أحد، وبسبب أحداثه الشيقة والشقية، المختصرة والغريبة، ذكرني بتغريدة قديمة قلت فيها إن أحاديث الصدفة غالبا ما تكون صادقة، لأنها مجردة من التوقعات والخوف والتصنع.. وعمرها ممتد حتى نهاية الطريق! الفيلم، يحتاج الكثير من التركيز والتطويل، وخاصة عن النجاحات الفنية، لكن مقالتي لتسليط الضوء والتذكير، وللفرح وسط كل هذه الأحداث المزعجة، ولشكر مركز الملك عبدالعزيز الثقافي العالمي الذي مول الفيلم، وليته يكون القدوة للقطاع الخاص في تمويل الأفلام ودعم الصناعة.. والإيمان بشبابنا ومخرجاتنا قبل كل شيء! والسلام