عبدالله الهدية الشحي المرء مرآة نفسه ومرآة خليله وتكشفه مرآته مهما حاول أن يخفي حقيقة ذاته بقناع المثالية ولو بعد حين. وكلما كان الإنسان على دراية وتطبيق لتقدير ذاته كلما انعكس ذلك إيجاباً على كل من يراه فيخطئ كثيراً من يظن أن تقدير الذات المتزن نوع من الكبر وأن حب الذات البعيد عن الأنا المتضخمة نوع من الأنانية فمن يؤمن بهذا لا شك أنه يجهل الحقيقة التي تقول بأن من لا يحب نفسه لا يستطيع أن يمنح الحب إلى غيره لأن فاقد الشيء لا يعطيه وأن من يفقد تقدير ذاته يفقد ثقته بنفسه وبالتالي يصبح غير قادر على دخول أبواب النجاح وتحدي الصعاب. كلما ارتفع مقدار النظرة إلى الذات ارتفع مقدار الثقة بالنفس وكلما انخفض مقدار هذه النظرة كلما ظهرت على الشخص علامات الانطوائية والخوف من التحدث أمام الناس وإرهاق النفس بتحميلها ما لا تطيق في سبيل إرضاء الآخرين ليس حباً فيهم وإنما لاتقاء مواجهتهم أو تجنب نقدهم. وقد يصل الأمر أحياناً عند فاقدي تقدير ذواتهم إلى نوع من العنف في ردة الفعل المفاجئة أو الهروب من مواجهة صروف الأيام ومشكلات النفس وبالتالي قد يصبحون عرضة تذروهم رياح الآراء كيفما تقرر وتلعب بهم المواقف إذا أرادت وتشكلهم حسبما شاءت إذا شاءت وقد تجعلهم سلعة رخيصة في سوق التقليد الأعمى كي يسهل شراؤهم من قبل أصحاب أجندة الاختراق الفكري. لكل إنسان مرآة داخلية يديرها الضمير وتديرها الذات فتحدد نمط حياتنا وطرق تفاعلنا مع معطيات الحياة وهناك بالإضافة لهذه المرآة الداخلية مرآة أخرى يقف كل منا بين الحين والآخر أمامها لتعكس دوراً مهماً في منظومة نظرتنا لذواتنا، فهي حيناً من الزمن ساحة لمواجهة الذات حيث يشير علم تطوير الذات إلى أن على الإنسان إذا ما تعرض لموقف سلبي الوقوف وحيداً أمام المرآة فيحاور من يراه عبرها بكل شفافية وصراحة من أجل أن يتخذ الموقف المناسب ويقرر التغيير المطلوب، لأنه أدرى بشؤون ذاته ويقول ذات العلم أيضاً إن الإنسان لديه في أفراحه وأتراحه ثلاث حالات تسانده وهي المزود الذي يأتي به القدر عبر موقف ما أو قراءة ما أو مشاهدة ما والداعم وهم الأهل والأصدقاء والمرآة وهي الشخصية التي نطلق عليها توأم الروح لكونها مرآة لصاحب الموقف نظراً لقوة العلاقة الروحية بينهما، وكما يقال المرء مرآة خليله. يقف كل إنسان أمام مرآته المسندة إلى جدار غرفته بأبعاد وأشكال وطرق وحالات مختلفة، فهناك من يقف مختالاً بالأنا المتضخمة وكأن المولى لم يخلق على الأرض أحداً سواه ولسان حاله تارة يردد أنا ومن بعدي الطوفان، وتارة أخرى يمعن النظر في المرآة ويردد يا أرض اتهدي ما عليك قدي. وهناك من يقف مبتسماً فيرى نعمة الله عليه فيحدّث بها نفسه ويحمد المولى على نعمه وفضله وهناك من يقف شاحب الوجه عبوساً كارهاً نفسه لا لشيء سوى أنه لا يعرف لتقدير ذاته درباً فيرى الكل أجمل وأنجح وأسعد منه لأنه يرى نفسه بعين لا تعرف مقدار ذاته فيبقى كما يقول علماء تطوير الذات مثل ما تفكر تكون والشيء الذي تركز عليه تحصل عليه، وكما يقول المثل الشعبي المصري اللي يخاف من العفريت يطلع له. aaa_alhadiya@hotmail.com