تترك الفضائية قصصا مشتعلة عن أماكن صراعات وقضايا إنسانية وسياسية وتنشغل بحزمة من الأخبار الحزبية. العربطاهر علوان [نُشرفي2016/12/20، العدد: 10491، ص(18)] وكأنها بضاعة معبّأة مسلفنة جاهزة للتسويق تلك الحزمة اليومية من الأخبار. لا سبيل لإهمالها ولا بدّ من ترويجها وإيجاد سوق لها قبل أن تنتهي صلاحيتها بسبب طوفان الأخبار الذي تضخّه الوكالات في كل وقت. القناة الفضائية يقظة وحذرة بما فيه الكفاية خوفا من أن “ تبور“ أخبارها لكن كيف سيستقبلها المشاهد وهو قد سمع أمثالها من قبل في نسخ أخرى؟ كيف يمكن للفضائية صُنع جمهور يلتهم الأخبار بلا انقطاع ولا يملّ منها؟ ربما كان واحدا من الحلول الإكثار من ضخّ الضيوف أيّا كانوا، المهم أن يجعلوا المشاهد يصدّق الحكاية ويتقبّل الخبر على علّاته برحابة صدر. الهاجس نفسه والقلق نفسه تتقاسمهما العديد من الفضائيات الأخرى التي تريد إنقاذ أخبارها من التقادم وانتهاء الصلاحية لكنها أخبار تتقاطع أحيانا مع الوقت المخصص لأخبار التيار السياسي الذي يمتلك القناة، هنا ستصبح للقصة أوجه أخرى، فالأمر سيتعلق حينها بالأسبقيات، أيهما أولا: الأخبار التي تتدفق على الفضائية من الوكالات أم أخبار الحزب والكتلة والتيار؟ واقعيّا نجد في الغالب أن ترويج وتلميع شخصية زعيم الحزب ونشاطاته يسبقان أي خيار آخر، يظهر زعيم الحزب متأنّقا وهو يزور القواعد الحزبية أو يعقد مؤتمرا صحافيا، يحصل ذلك مع الكثير من أحزاب العراق المتكاثرة اليوم، حتى إذا تمدّد به الوقت ولم يشعر الزعيم بالاستطرادات التي لا تنتهي والاستذكارات وجد محرر الديسك ورئيس التحرير أخبار الكون مكدّسة بعضها فوق بعض ولا سبيل إلا بثّ النزر اليسير منها. تترك الفضائية قصصا مشتعلة عن أماكن صراعات وقضايا إنسانية وسياسية وتنشغل بحزمة من الأخبار الحزبية. ينسى أو يتناسى مالكو الكثير من تلك الفضائيات أنها ليست وسائل اتصال ذات طابع محلّي بل إن مجرد تملّك باقة على القمر الاصطناعي سيكون كفيلا بجعل القناة الفضائية رهن الملايين من البشر حول العالم وخاصة في العالم العربي. الفضائية غير قلقة كثيرا من هذا الجدل ولا هي أول مرّة يتساءل فيها المحررّون عن الأسبقيات لمن وعلى حساب من تأتي الأخبار، وهذا الأمر انسحب على الكثير من الفضائيات. لعلّ الإشكالية تتعلق بطابع التعوّد الذي على الفضائية تحريكه لصنع جمهور مستهلك لتلك الأخبار، متعطّش لها، لكن من هو هذا الجمهور وكيف يمكن قياسه؟ مسألة قياس الجمهور ومديات انتشار الأخبار تحتاج بكل تأكيد إلى دراسات مسحية لكن الكثير من الفضائيات غير معنية بهذا بسبب كون الفضائية مجرّد رقم في تسلسل الفضائيات وترزح تحت حاكمية الحزب وزعيمه وليس الإعلام وسياقاته. المشاهد المستلب هو العيّنة التي نحن بصددها في هذه الإشكالية، مُشاهد منسيّ ومُهمل وغير مهم رأيه في تلك الفوضى الإخبارية، فالأساس هو أن الفضائية تنشر ما تيسّر لها من أخبار غير مكترثة بمن شاهد تلك الأخبار أو لم يشاهدها، المهم هو التخلص منها قبل أن تبور. كاتب من العراق طاهر علوان :: مقالات أخرى لـ طاهر علوان النشرة الإخبارية لمن يُشاهدها, 2016/12/20 بساط أحمر لإعلامي واحد, 2016/12/13 ذئاب منفردة.. متعة الاكتشاف في وسط الانهيار الكوني , 2016/12/12 المذيعة الحسناء تتلبس سياسة القناة, 2016/12/06 وصول: متعة الحوار بلغة الكائنات الغازية, 2016/12/05 أرشيف الكاتب