كل جدل حول القناعات لا يبدأ من الاتفاق على منهجية التوصل للقناعات محكوم عليه بأن يبقى جدلا عقيما، تماما كشخص يتكلم مع آخر بلغته الخاصة التي لا يجيدها الآخر، بينما الاتفاق على منهجية التوصل للقناعات يعني أن الشخصين يتكلمان بذات اللغة وإن اختلف مضمون كلامهما. والاتفاق المشترك على منهجية التوصل للقناعات يعني «التفكير بالتفكير» أي تعلم المنهجية العلمية الصحيحة للتوصل للاستنتاجات، لكن عندما يكون اكتساب القناعات ناتج فقط عن الاتباع الأعمى بدون أن تكون متولدة عن تفكير ذاتي للشخص لا يسع التابع عند الجدل إلا تكرار رأي غيره كمسجل يكرر ما هو مسجل عليه ولهذا الجدل مع مثل هذا الشخص جدل عقيم «مراء» وعادة ردة فعل مثل هذا الشخص عندما يعجز عن الرد على الحجج الدامغة هو البذاءات والتشكيك بنوايا من يحاجه ولهذا التطرف والتعصب والتشنج دائما في الاتباع وليس في الأئمة الفقهاء. ولهذا أرشد النبي لأن الأفضل ترك الجدل العقيم «المراء» ولو كان الشخص محقا. وبسبب غياب تدريس مبادئ علم النفس وعلم الفلسفة التي هي البحث في أنماط التفكير والإدراك العقلي يفتقر العرب للوعي والمعرفة بحقيقة وماهية القناعات التي يحملونها وهم مستعدون للموت والقتل لأجلها مهما كانت خاطئة، فهناك فارق جذري بين الحقائق المثبتة بشكل قطعي وبين التحليلات والاستنتاجات والمقايسات والتبرير والتأويل والاستنباط والمعتقدات والقناعات والافتراضات والتوقعات والظنون والإسقاطات والآراء وبخاصة المعممة المسبقة والموروثة التي لم تخضع للتمحيص والتحقيق والبحث والتأصيل، لكن من لا يعي الفارق يفترض أن الرأي الذي يتبعه هو حقيقة من الحقائق التي من يخالفها يصبح كافرا، فالقرآن حقيقة لكن تأويله رأي، ولهذا ثقافة الحوار والتعامل البناء مع الاختلاف تبدأ باستيعاب هذه المبادئ والمفاهيم المعرفية الأساسية. bushra.sbe@gmail.com للتواصل أرسل sms إلى 88548 الاتصالات ,636250 موبايلي, 738303 زين تبدأ بالرمز 217 مسافة ثم الرسالة