يبدو أننا فركنا مصباح "علاء الدين السحري" ليظهر لنا المارد في صورة "طائرة جامبو747"، فالعالم يشاهد الطائرات تهبط من السماء إلى الأرض، أما نحن في "أبها" فقد جئنا بها من الأرض إلى الأرض، لتعبر السهول والجبال والفيافي، بعد أن روضناها بالسلاسل والحبال، وقدناها كما يقاد في البيداء البعير ولتمشي "مشي القطاة إلى الغدير"، تقول الروايات إن الطائرة القادمة من المدينة المنورة ستتحول إلى مطعم، يقدم الأكلات الشعبية وبالذات "العصيدة والسويقة والعريكة والفروقة" كما ستحفظ ماء وجوهنا من الاستجداء والتسول للحصول على مقعد لمريض أنهكه الداء، ومسافر ألجأته الحاجة فنسافر في الوقت الذي نريد، وبهذه المناسبة أقام رجل الأعمال "مضحي شراطيب" أمسية شعرية احتفاء بهذا الحدث التاريخي، ودعا مجموعة من شعراء الفصحى والعامية، للمشاركة والتعبير عن هذا الموقف، تاركاً لهم حرية الوصف واختيار البحر والروي الذي يرغبون، حيث بدأ أهل الفصحى بقول أحدهم: ماذا أقول لطير هده السفر.. قد جاء يسعدنا والكل ينتظر، أتيت أنظر في شتى محاسنه.. فذيله فتنة في لحظه حور، رغم أنها بلا ذيل، فرد الآخر دون إفاضة أو إسهاب: قفوا حيوا معي "الجامبو" احتراما.. فكم أدمت بخطوتها الرجاما، تسير بسرعة "البغل" انطلاقاً.. وتبرك في الطريق إذا ترامى، أحس الثالث من الشعراء أن صاحبه ينتقص من الطائرة ويسفه مكانتها فقال: يا مرحبا ألف في أسمى مراقيها.. "لجامبو" السعد أهديها وألقيها، غنيتها كل حبي وهي رابضة.. فكيف لو سار في الأجواء ساريها، وعبر هذه المتواليات الشعرية، المتخمة بالإحساس المشبوب اختتم شعراء الفصحى جولتهم بقول أحدهم ويبدو كان جائعاً: يا مرحبا بالكوكب الوقادِ.. يمشي على الكثبان والأطوادِ، انظره كيف غدا يجر وراءه.. قدر الطبيخ وأمهر العصادِ، وهنا استحث "شراطيب" شعراء العامية، لكونه يميل إليهم ويرتاح لسماعهم أكثر من أهل الفصحى وفلسفاتهم ونصوصهم المنتزعة من بطون المعاجم التي يجهلها، وقد اشترط "مضحي" أن يقدم شعراء العامية مشاركاتهم بطريقة وأسلوب "الشيلات" فبدأ أولهم طرقه بقوله: يا مرحبا بالطايرة دون طيار.. في عالي "أمسودة" لها برق ورعود، هيا تغنوا معي يا خير شعار.. ودقوا على الطيران دقوا على العود، وهنا اهتز المجلس وارتفعت حرارة الحضور فباح الثاني بشيلته: اليوم يوم المجد يوم السعادة.. أصبح لنا "جامبو" تزحف على القاع، والكل فينا قد تحقق مراده.. وأخبارها في كل شاشة ومذياع، واختتم الأمسية شاعر قلبه أخضر فقال: مثل السفينة يقودها "ونش" ربان.. فوق الجبال السود فوق السفوحِ، في بطنها مطعم وشيشة ودخان.. وفلة حجاج أواه يا روح روحي.