في مثل هذا الوقت من العام الماضي، وعندما كانت سنة 2015 تستعد للرحيل، كنا متفائلين بعام جديد ننعم فيه بالأمان، وتجاوز الآلام التي تمر على الشرق الأوسط المأزوم، لكن هذا العام مر ثقيلاً وحزيناً جداً. الأزمة السورية بلغت فواجعها حداً لا يصدقه عقل، حلب المنكوبة هي آخر مشاهد الحزن هناك، اليمن لازال يرزح تحت الفوضى والجوع والدمار، يد داعش القذرة ضربت مدينة النبي الأكرم وسفكت دماء الأبرياء في بغداد والقاهرة وبنغازي وبروكسل وأسطنبول وأورلاندو ونيس وباريس وغيرها. عام ينضح بالدماء والدمار وصور الأطفال البائسين الذين يدفعون حماقات الكبار، أرواح جميلة وخلاقة غادرت عالمنا. محمد علي كلاي، أمبرتو إيكو، جورج طرابيشي، زها حديد، أحمد زويل، محمد خان، فاروق شوشة، صادق جلال العظم. في هذا العام أيضا تزايدت العنصرية، وموجات الكراهية في العالم، وانزوى التسامح، انتشرت الهجمات على الأقليات المسلمة، أصبحت المساجد والمراكز الإسلامية حول العالم أماكن مشبوهة، ومفارخ محتملة للإرهاب. لم تطل العنصرية المسلمين فحسب، بل دفع السود أيضا ثمناً غالياً عبر سلسلة اعتداءات طالتهم من الشرطة الأميركية. هذا العام شهد أيضا انتشار فيروس زيكا في الأميركيتين، وأدخل الحزن على بيوت كثيرة، وهي تستقبل مواليدها المرضى والمشوهين. محليا، وفي المنطقة العربية ألقت أزمة النفط بظلالها على الحياة اليومية للناس، وتخوفوا من تبعات هذا الانخفاض، وعاشت المنطقة حالة تقشف لم تعهدها من قبل، تباطأ الاقتصاد وتباطأت الكثير من المشروعات. لكن على الرغم من كل ذلك، نحن نستقبل بعد أيام عاماً جديداً علينا، أن نرحب به بكل تفاؤل وإيجابية. بوادره تبشر بالخير حيث بدأت أسعار النفط في التعافي والاستقرار. كما أن كابوس داعش يعيش نهاياته، ومصيره إلى التفكك والانهزام. الأزمة السورية رغم تعقيداتها قد تشهد انفراجة في العام القادم، لأن الأذرع التي تتقاتل فيها أُنهكت. ولعل الملف اليمني يُحسم أيضا، وينعم الأشقاء في اليمن الحبيب بالاستقرار والأمان. دعونا نتفاءل بالعام الجديد، أن نبدأه بأمل وطاقة إيجابية، فالتفاؤل لا يأتي الا بخير.