×
محافظة المنطقة الشرقية

غرفة الرياض تطرح فرص وظيفية شاغرة لحملة الشهادة المتوسطة

صورة الخبر

أخذ الرجال المسلحون يصرخون ويصيحون بنا.. أمرونا بالترجُّل من الحافلة. كانت المركبات المدرعة التابعة لجيش النظام السوري تغلق الطريق عندما اقتربت عربة الإسعاف التي تقود قافلتنا من معبرٍ تحت سيطرة النظام في جنوب حلب. وبدا أن القادة العسكريين الموجودين روسيون. أدركنا أننا في مشكلة. عددٌ كبير من الرجال المسلحين يلبسون الزي العسكري، مجندوّ جيش النظام والميليشيات الموالية لهم، يتحركون بطول قافلة العربات والحافلات التي كانت من المفترض أن تأخذنا خارج المدينة، يملون أوامرهم في غضب. مقتطفات لاهثة، تشتم منها رائحة الخوف والموت، راح يرويها الصحفي الحلبي زهير الشمالي، ونشرتها اليوم الأحد 18 ديسمبر/كانون الأول 2016. كانت هذه هي المرحلة الثانية من إجلاء سكان منطقة شرق حلب، التي كانت تسيطر عليها قوات المعارضة، وسقطت الأسبوع الماضي بعد أشهرٍ من قصف قوات النظام السوري لها. هكذا يختارون ضحاياهم.. أخبرونا صباح يوم الجمعة، 16 ديسمبر/كانون الأول، أنهم سيسمحون لنا بالعبور إلى الجزء الذي تسيطر عليه قوات النظام السوري من مدينة حلب المنقسمة، من خلال معبر الراموسة في الجنوب، يتابع الشمالي روايته الدامية. وعندما وصلنا إلى المعبر، فُتِحَت أبواب الجحيم. فبمجرد نزول بعض الرجال من الحافلات، بدأوا في القبض عليهم واقتيادهم إلى ساحةٍ قريبة. وعندما أصبحوا خلف جدران الساحة، أمروهم بخلع ملابسهم رغم البرد الشديد. كنت أشاهد مقاتلي الميليشيات وهم ينتقون ضحاياهم، ويسبُّونهم، ويُهينون أمهاتهم، ويتلفظون بإهاناتٍ طائفية. وكانوا ينتقون من يعترض، وينهالون عليه بالضرب. وسرقوا الأموال، والوثائق، والهواتف المحمولة من أيدينا، وجيوبنا، وأحزمتنا. وباشتداد النزاع بين الطرفين، أجبروا عشرات الرجال على الانبطاح. وقيدوا العديد منهم وجمعوهم في صفوف. قتلوا أربعة رجال بالقرب مني. وارتعد العديد من الرجال وأجهشوا بالبكاء عندما وضع مقاتلو الميليشيات السلاح على رؤوسهم، وهدَّدوهم بإطلاق النار. بدا أن مقاتلي قوات النظام السوري مصممون على الانتقام من عدوٍ هُزِمَ للتو، بعد أن تحدى حصارهم لسنين. كان هذا انتصاراً كبيراً بالنسبة لرئيس النظام بشار الأسد، واتهاماً شديداً في نفس الوقت لفشل الغرب في تقديم الدعم الكافي للمعارضة التي تقاتل للإطاحة بالأسد منذ 2011. "سأحاول الخروج مجدداً اليوم" نامت العائلات التي تحاول الخروج بأية طريقة من المدينة في الشوارع أو في المباني المهجورة بالقرب من نقطة الإجلاء في حي العامرية، وذلك رغم درجات الحرارة شديدة الانخفاض. توسلت النساء والأطفال إلى مقاتلي النظام السوري وميليشياته للإبقاء على حياة رجالهم، وفي النهاية، تغيَّر موقف مقاتلي النظام، وأمروا النساء بالعودة سيراً إلى شرق حلب. كانت من بين النساء امرأةٌ في أواخر حملها، أجبرتها قوات النظام السوري أيضاً على العودة وتقفي طريقها سيراً على الأقدام. وبعد أربع ساعات من إيقاف قوات النظام للقافلة، سمحوا للرجال أيضاً بالعودة إلى شرق المدينة. لم يجرؤ أيٌ من الرجال على العصيان. وكان مقاتلو النظام يطلقون أسلحتهم في الهواء ليرغمونا على الاستمرار في التحرك. بدأنا في الركض، وكان بعضُنا يصرخ في رعب. كنا نخشى أن تتبعنا قوات النظام وتقتل من تجده في طريقها، أو تستخدمنا كدروعٍ بشرية لاحتلال شوارعنا وأزقتنا. ولكن مقاتلي النظام ظلوا عند نقطة التفتيش، وانخفضت أصوات الأعيرة النارية التي يطلقونها تدريجياً، لتختفي في النهاية في خلفية المشهد. وعندما حلَّ المساء، عدت إلى المكان الذي بدأت منه رحلتي صباح يوم الجمعة. كنت آمل أن أصل إلى الأمان، ولكن بدلاً من ذلك، مازلت ضمن عشرات الآلاف الذين مازالوا محاصَرين في شرق المدينة، ضحيةً أخرى لهذا الصراع الذي مزق وطني لأكثر من خمس سنوات. سأحاول الخروج من المدينة مجدداً اليوم. - هذا الموضوع مترجم عن صحيفة البريطانية. للاطلاع على المادة الأصلية، اضغط هنا.