النسخة: الورقية - دولي على رغم مرور أكثر من خمس سنوات على بداية التأثيرات السلبية للأزمة المالية العالمية وما تبعها من أزمات، يُلاحَظ أن عدداً مهماً من الشركات المساهمة العامة الأردنية والمدرجة في سوق عمّان المالية يتعرض إلى خسائر (أكثر من 70 شركة من قطاعات مختلفة من بين الشركات التي أعلنت حتى الآن نتائج 2013) إضافة إلى استمرار انخفاض أسعار أسهم عدد مهم من الشركات المدرجة إلى اقل من قيمها الاسمية أو القيم التأسيسية (اقل من دينار أو 1.41 دولار) ما يدل على استمرار خسارة شريحة مهمة من مساهمي هذه الشركات نسبة كبيرة من استثماراتهم وثرواتهم في السوق وينعكس سلباً على ثقتهم في الاستثمار في السوق وفي الشركات المساهمة العامة ويهدد بتوقفهم عن ضخ سيولة جديدة في السوق. وفي ضوء بداية موسم انعقاد الجمعيات العمومية السنوية للشركات المساهمة، لا بد من التأكيد على أهمية هذه الجمعيات باعتبارها أعلى سلطة في الهيكل التنظيمي للشركات المساهمة والمناسبة السنوية الوحيدة التي تجمع مساهمي الشركات بكل شرائحهم مع أعضاء مجالس إدارات هذه الشركات والإدارات التنفيذية ومدققي الحسابات الخارجيين ومندوبين عن الجهات الرقابية، وفي مقدمها هيئة الأوراق المالية ومراقبة الشركات. ويُفترض خلال هذه الجمعيات حصول إفصاح ونقاش للمعلومات الجوهرية المتعلقة بأداء الشركات خلال العام الماضي والرد على استفسارات جميع المساهمين مهما كان عدد الأسهم التي يملكونها. وخلال الجمعيات العمومية يجري عادة الإفصاح عن معلومات مهمة غير منشورة في التقارير السنوية والبيانات المالية التي توزعها الشركات على مساهميها، مثل المشاريع المستقبلية أو توقعات الربحية أو الأداء خلال السنوات المقبلة أو العقبات التي تعترض نمو ربحيتها والمشاكل الأخرى التي تعانيها. وتؤدي المعلومات التي يجري الإفصاح عنها خلال هذه الجمعيات دوراً مهماً في ترشيد القرارات الاستثمارية ونضجها واحتساب الأسعار العادلة لأسهم الشركات. ولذلك يحضر مديرو المحافظ الاستثمارية وصناديق الاستثمار هذه الجمعيات بعكس المضاربين غير المهتمين بتطورات أداء الشركات ونمو مؤشرات أدائها أو تراجعها باعتبار أن استثماراتهم في الأسواق قصيرة الأجل تدخل وتخرج بسرعة. أما بالنسبة إلى الشركات المساهمة التي تعاني تعرضاً لخسائر منذ سنوات فهي لا تُعتبَر متعثرة إلا إذا تعرضت إلى خسائر لثلاثة أعوام متتالية، وتُعتبَر شبه متعثرة إذا تعرضت إلى خسائر لعامين متتاليين. ويجب الأخذ في الاعتبار نوعين من التعثر، الأول التعثر الاقتصادي ويحصل عندما لا تستطيع إيرادات الشركة تغطية نفقاتها أو عندما تنخفض عائدات الاستثمار عن كلفة رأس المال، والثاني التعثر المالي (أزمة سيولة) ويتحقق عند صعوبة تسديد التزامات الشركة أو ديونها المستحقة في مواعيدها على رغم أن موجوداتها تتجاوز قيمة التزاماتها. وتُعتبَر الشركة في مرحلة إفلاس عندما تعجز عن مواجهة ديونها وتكون قيمة موجوداتها أقل من قيمة مطلوباتها. واجتماعات الجمعيات العمومية يجب أن تكون فرصة مهمة لمساهمي الشركات والمستثمرين المحتملين للحصول على توضيحات من مجالس الإدارة والإدارات التنفيذية للشركات المتعثرة أو الشركات التي تتعرض إلى خسائر عن الأسباب الحقيقية لهذه الخسائر أو التعثر باعتبار أن الاطلاع على هذه المعلومات والحقائق المهمة من حق كل شرائح المساهمين وليس كبارهم فقط. وعند مراجعة قائمة الشركات التي تتعرض لخسائر يُلاحَظ أن عدداً مهماً من هذه الشركات جرى تأسيسه أثناء طفرة سوق عمّان المالية وطفرة معظم أسواق المنطقة أي بين 2005 و2008 وكان الهدف من تأسيسها المضاربة على أسهمها من دون الأخذ في الاعتبار مدى مساهمتها في تعزيز أداء الاقتصاد الوطني وخلق فرص استثمارية لشريحة مهمة من المستثمرين، كما أن كثيراً منه تأسس في ضوء دراسات جدوى اقتصادية غير محكمة وفي ظل ضعف الرقابة الرسمية على متابعة تأسيس الأعمال التشغيلية لهذه الشركات والتأكد من كفاءة الإدارة التي جرى اختيارها لتحقيق أهدافها التشغيلية إضافة إلى إدراج أسهم هذه الشركات في السوق بعد التخصيص مباشرة وقبل نشر أي بيانات مالية تترجم مصداقية دراسة الجدوى الاقتصادية لهذه الشركات وكفاءة الإدارة التنفيذية، فيما يُفترَض أن تعكس الأسعار مستوى أداء هذه الشركات بينما الهدف الأول من الإدراج السريع المضاربة على أسهمها. وبعد مرور سنوات على تأسيس هذه الشركات فشل العديد من إداراتها في تحقيق أهدافها والحفاظ على حقوق مساهميها وتنمية استثماراتهم نتيجة عدم تمتعها بالمهنية والمصداقية والخبرة المطلوبة وعدم اهتمامها بالأخطار التي تتعرض لها الشركات وفي مقدمها أخطار الائتمان والسوق والعمليات في ظل ضعف التحكم المؤسسي وهيمنة رؤساء مجالس إدارات العديد من هذه الشركات وبعض أعضاء المجلس المقربين منه على القرارات المهمة والإستراتيجية وتعيين الإدارة التنفيذية العليا ومدققي الحسابات الخارجيين وهيمنتهم على قرارات الجمعيات العمومية وعدم الالتزام بالحفاظ على الشفافية والعدالة في الحصول على المعلومات الجوهرية لصغار المساهمين. كل هذا ساهم في ضعف الثقة في الاستثمار في الشركات المساهمة العامة التي يجب أن تؤدي دوراً مهماً ومحورياً في تعزيز ونمو الاقتصاد الوطني. وإذا كانت الأزمة المالية العالمية وما تبعها من أزمات أثرت سلباً في أداء العديد من الشركات، ففي المقابل أدى ضعف مهنية وغياب الرؤية لدى إدارات بعض الشركات إلى تعثرها. وللجمعيات العمومية الحق في عزل رؤساء مجالس الإدارة أو أعضاء المجلس أو الإدارة التنفيذية أو مدققي الحسابات إذا ثبت للمساهمين عدم كفاءتهم. مستشار أسواق المال في «بنك أبو ظبي الوطني»