يعتقد بعض الناس أن الحيوانات ممكن أن تشعر بالتعاسة، وأنها تحس بمشاعر أساسية كالسعادة والغضب والخوف، كما أن الإنسان العادي غير المتخصص على استعداد للاعتقاد بأن لدى كلبه أو قطته أو ببغاء العائلة أو حصانها مشاعر، بل هم لا يؤمنون بذلك فحسب، وإنما توجد أدلة على ذلك يروونها، وكل منا بإمكانه أن يروي قصصاً عجيبة حول الحيوانات نعرفها جيداً، غير أنه توجد فجوة واسعة بين الرأي الشائع وما تراه العلوم الرسمية في هذا الموضوع، فمعظم العلماء المحدثين، لا سيما من يدرس سلوك الحيوانات منهم، يتجاهلون هذه القصص تحت تأثير دراساتهم الجادة ومعاييرهم الصارمة. حين تبكي الأفيال وتتنهد الدببة وهي تتأمل الغروب، وتعشق القردة الرسم، وتعاني النمور اكتئاب الشيخوخة، فلا بد أن نقف مع النفس وقفة قد تطول أو تقصر، وعندما تعجز قوانين داروين عن تفسير سلوك الحيوان من إيثار أو رحمة أو نجدة أو تضحية، فلا بد من منطق آخر يجلو الأمور ويضعها في نصابها. هذا ما يحاول كتاب حين تبكي الأفيال لجيفري ماسون وسوزان ماكارثي، أن يطرحه من خلال مشاهدات علماء سلوك الحيوان وبعض العامة، الذين يؤكدون أن للحيوان سلوكاً عاطفياً، يتطابق مع سلوك الإنسان في بعض المواقف ويختلف عنه في غيرها. ينجح الكتاب في إثارة دهشتنا حين يتحدث عن وقائع حقيقية أثبت الحيوان فيها قدرته على الحب والعطف، بل التبني والدفاع عن المظلوم ضد الظالم، وأحياناً القدرة على التحاور، سواء بلغة الإشارة مع بعض قرود الشمبانزي أو بالكلام مع الببغاوات.