لطالما كانت جبال شمالي بيروت متنزهاً شتويا للمتزلجين والسياح الذين يدعمون اقتصاد لبنان القائم على الخدمات، لكن الموسم الجديد حل والجبال بلا جليد وموحلة وفارغة تماما من الزوار، فالغرف الفندقية شاغرة ومحال تأجير أدوات الرياضات الشتوية بلا عمل في ظل عزوف حتى أكثر الزوار تحمسا جراء نقص الثلوج. وفي غمار المشاكل الأمنية المتفاقمة والأزمة السياسية أدت تقلبات الطقس إلى تفاقم تداعيات ثلاث سنوات من تراجع السياحة في البلد المتوسطي الصغير، وقبل اندلاع الصراع في سورية المجاورة عام 2011 كان القطاع يدر نحو عشرة في المئة من الناتج الاقتصادي. وقال جوست كومن المدير العام لفندق انتركونتننتال مزار أكبر فندق ومنتجع تزلج في فاريا "إنها المرة الأولى التي لا تفتح فيها منحدرات التزلج.. يحدث أحيانا أن يكون الجليد قليلا، لكن أن يختفي تماما لم يحدث هذا من قبل". وقال إن الإيرادات منخفضة أكثر من 80 في المئة الأمر الذي يؤثر تأثيرا مباشرا على حوالي 600 أسرة تعتمد على وظائف الفندق، وتلقى مدربو التزلج ومحال تأجير الأدوات والأنشطة الأخرى المعتمدة على الموسم السياحي ضربة موجعة أيضا. وقال بائع كان يجلس في باحة لوقوف السيارات امتلأت عن آخرها بسيارات الأراضي الوعرة "حاشا لله من عام آخر كهذا، إذا تكرر فستغلق متاجر كثيرة". وشهد الشرق الأوسط عاصفة ثلجية مبكرة في ديسمبر كانت مصحوبة برياح عاتية كونت طبقة جليدية سمكها 30 سنتيمترا في فاريا وظن كثيرون انها بشائر شتاء طويل وبارد في حين أبدت وكالات الإغاثة تخوفها على مصير مئات الآلاف من النازحين السوريين الذين يعيشون في ملاجئ بدائية على ارتفاعات كبيرة، لكن هذا الجليد لم يكن كافيا لفتح منحدرات التزلج ولم تهطل أي ثلوج بعدها تقريبا، ورغم أن الثلوج قد تهطل في مارس وحتى في ابريل لكن الضرر وقع بالفعل. وقال مروان بركات كبير الاقتصاديين في بنك عودة ان هذين الشهرين شهدا تراجعا في أعداد القادمين عبر مطار بيروت وهو من المؤشرات القليلة المتاحة لتحليل القطاع السياحي، مضيفا "من المرجح أن يكون ذلك نتيجة لإلغاء بعض الرحلات السياحية بسبب الطقس الشتوي غير المواتي". ويتسبب نقص الأمطار ودرجات الحرارة المرتفعة في مشاكل لمحصول الكروم والمزارع في أنحاء لبنان. ويقدر مراقبون حكوميون مستوى هطول الأمطار حتى بداية مارس عند أقل من نصف المعدلات المعتادة لهذا الوقت من السنة. وقال حسن محيسة وهو مزارع في منطقة طرابلس بشمال لبنان إن نقص الأمطار قلص محصول اللوز كثيرا ويهدد بتدمير محاصيل الزيتون والليمون. وأضاف محيسة وقد بدت تحت قدميه التربة جافة ومتشققة في بستان الزيتون الذي يرعاه إن على الحكومة أن تبني سدودا وتأخذ خطوات أخرى لتخفيف أثر تناقص موارد المياه على المزارعين، مضيفا "الآبار تجف.. لم يعد يخرج منها إلا الوحل والطين".