×
محافظة مكة المكرمة

طالبة ابتدائي تلقى مصرعها بعد ارتطام رأسها في عمود إنارة أثناء ركوبها حافلة المدرسة (صورة)

صورة الخبر

افتتح رئيس الحكومة التونسية يوسف الشاهد في مقر المنظمة العربية للتربية والثقافة والعلوم (الإلكسو) بالعاصمة التونسية أمس أعمال الدورة الـ 20 لمؤتمر الوزراء المسؤولين عن الشؤون الثقافية في الوطن العربي، بمشاركة وزراء الثقافة في الدول العربية الأعضاء بالمنظمة، من بينها السعودية. ورأس وفد السعودية في المؤتمر وزير الثقافة والإعلام رئيس الدورة الـ 19، الدكتور عادل بن زيد الطريفي. وأعرب وزير الثقافة والإعلام في مستهل كلمته عن شكره لوزير الثقافة التونسي محمد زين العابدين على الحفاوة التي لقيها معاليه والوفد المرافق، مثمنًا جهود المدير العام للمنظمة العربية للتربية والثقافة والعلوم (الإلكسو)، الدكتور عبدالله محارب، على حسن الإعداد للمؤتمر. وقال: إن الهدف من اجتماعنا وحضورنا إلى الجمهورية التونسية الشقيقة، ولقاء المسؤولين عن الشؤون الثقافية في الوطن العربي، ينصبُّ في إطار العمل الدؤوب الذي توليه حكومة المملكة العربية السعودية لكل ما يتعلق بالنشاط الثقافي بشموليته، ودورها الإنساني الكبير في تحقيق رؤى الدول والحكومات العربية من أجل رفعة وطننا العربي، وتحقيق الخير للشعوب من خلال الثقافة. وأكد أن السعودية بقيادة خادم الحرمين الشريفين الملك سلمان بن عبدالعزيز آل سعود، وسمو ولي عهده الأمين، وسمو ولي ولي العهد ـ حفظهم الله ـ تُعِدُّ الثقافة ركنًا أساسيًّا في صميم العمل الحكومي والشعبي، وتحرص على تحقيق العمل التكاملي الثقافي بين الدول العربية بما يسهم في النهوض الفكري، وبث روح السلام والتسامح. واستطرد: وحملت رؤية السعودية 2030 اهتمامًا بالثقافة، وكان باكورة ذلك إنشاء هيئة عامة مستقلة للثقافة كرسالة تأكيد لدور الثقافة في المجتمعات بما يحقق رسالة الوطن الحضارية، التي تتضمن العمل على مسارات جديدة، تركز على الفهم، التي ستجعلها في المكانة التي تستحقها بلادي ضمن منظومة عالمية، بما تمتلكه من إرث ديني وحضاري وتراثي وأثري وإنساني وإمكانات شتى. واستعرض وزير الثقافة والإعلام الجهود التي بذلتها السعودية خلال ترؤسها الدورة الـ 19 لمؤتمر الوزراء المسؤولين عن الشؤون الثقافية في الوطن العربي، التي كان موضوعها الرئيس (اللغة العربية منطلقًا للتكامل الثقافي الإنساني)؛ إذ عملت على توثيق الصلات الثقافية، وتجسير العلاقات مع المؤسسات والأفراد لتعزيز حضور اللغة العربية في شتى بقاع العالم؛ كونها تمثل وجهًا حضاريًّا للمنطقة العربية، ولغة راقية، تحمل الكثير من المعاني. وأكد أن التقارب الثقافي العربي يضع جسورًا مشتركة بين أفراد وشعوب المجتمعات في الأفكار والأهداف والثقافة بدورها العام؛ فهي من يحدد الأُطر والطرق نحو بلوغ الغايات في المجتمعات العربية، ويحقق التأثير.. وهي روح تربط المجتمعات إن أُحسن القيام بأدوار فاعلة في هذا الاتجاه من أجل أجيال اليوم والمستقبل عبر اتجاهات شتى، ولكسر الصورة النمطية النخبوية للثقافة في بعض أطياف المجتمعات العربية. وأشار الدكتور الطريفي إلى مصادر الثقافة العربية التي تتنوع في الإرث المادي وغير المادي، والتي حظيت بإعجاب العالم. داعيًا في هذا الصدد إلى العمل على مواكبة التطورات الثقافية التي تعيشها المجتمعات العربية، وتفعيل الأدوار في ذلك الشأن، والعمل على تحقيق ما تنتظره الشعوب العربية بتبني قرارات ذات تأثير سريع على المشهد الثقافي العربي. وأكد أن موضوع الدورة الجديدة للمؤتمر (الإعلام الثقافي في الوطن العربي في ضوء التطور الرقمي) ذو هدف يستحق الإشادة؛ لما للإعلام من دور أساسي في حفظ الخصوصيات الثقافية والتراثية، بداية بحفظ الهوية العربية في ضوء موجة العالم الرقمي وتعدُّد منصاته؛ بوصف اللغة العربية المقوم الأساسي للثقافة العربية، ولتكون اللغة متجددة مع المتغيرات، ومستفيدة من التقنيات كافة. وقال: سنعمل معكم عبر لقائنا هذا واجتماعاتنا على وضع اليد في التوجُّه الحقيقي نحو تبني الأفكار والرؤى كافة، التي ستجعل من قيمنا الثقافية وإرثنا الحضاري ينبوع معرفة، تنشره وسائل الإعلام الرقمي؛ لتحقق طموحاتنا جميعًا في دمج الانجراف التقني الكبير لصالح هويتنا وثقافتنا العربية والأجيال القادمة. وأعلن وزير الثقافة والإعلام في ختام كلمته تسليم رئاسة المؤتمر لوزير الثقافة التونسي محمد زين العابدين، رئيس الدورة الحالية، متمنيًا معاليه للجميع التوفيق لما فيه خير الشعوب والثقافة العربية. وأكد رئيس الحكومة التونسية يوسف الشاهد أن الرهانات المستقبلية التي تقدم عليها البلدان في الوطن العربي الكبير هي رهانات ثقافية في جوهرها، مشيرًا إلى أن الثقافة ليست مجرد اختصاص ولا مكان لأي برنامج اقتصادي أو اجتماعي أو سياسي، تغيب فيه استراتيجية العمل الثقافي بالمعنى الحضاري للكلمة. وشدَّد على ضرورة سَنّ نصوص وتشريعات جديدة لاغتنام الفرص التي يوفرها التطور الرقمي الهائل في التواصل مع الآخر، وفي إعطاء الإعلام الثقافي مضامين متناسبة مع حقيقة الواقع العربي ومقتضيات العصر. وأضاف بأن الإعلام الثقافي العربي له دور في تقارب الشعوب العربية عبر نقاط تشاركها، وتحويل هذا التقارب إلى إنتاج فخر جماعي بالهوية بعيدًا عن الأفكار السلبية، وتحويل الانطواء إلى تفتُّح وتسامح وقبول الآخر. مشيرًا إلى ضرورة تصحيح المفاهيم الحقيقية للعروبة والإسلام، التي تضررت من جراء الأحكام المسبقة والفهم الخاطئ لحضارتنا؛ لرفع الشبهات عن سماحة الإسلام ودعوته للتعايش في كنف الحوار. وبدوره، شدَّد الأمين العام لجامعة الدول العربية أحمد أبو الغيط على أن الثقافة هي منهج فكر وأسلوب للعيش وطريقة للحياة ونظرة كلية إلى العالم.. وهي تراكم من الخبرات والقيم المتوارثة التي تختزنها جماعة بشرية بعينها، وتتناقلها جيلاً بعد جيل. وأكد أبو الغيط أن المأزق العربي الراهن يرتبط بالثقافة قبل أي شيء آخر، مشيرًا إلى أنه إذا كانت المجتمعات العربية تمر بأزمة كبرى وممتدة، ترى تداعياتها على النسيج الوطني في بعض الدول، وصولاً إلى القتل على الهوية والتشريد لملايين البشر، فإنه من الضروري البحث في الثقافة أولاً وقبل أي شيء آخر. وبيَّن أنه ليس مصادفة أن تكون الثقافة محورًا رئيسيًّا للعمل العربي المشترك، وأن العمود الفقري يتمثل في الرابطة الثقافية واللغوية بين أعضائها من الدول التي يتحدث جميع سكانها اللغة العربية، ويربطهم التراث العظيم للثقافة العربية الرائدة. مشيرًا إلى أن من أوائل إنجازات جامعة الدول العربية إصدار معاهدة الوحدة الثقافية العربية في 27 نوفمبر 1945؛ بهدف التعريف بالثقافة العربية، وتنشيط حركتها، وتعزيز اللغة العربية وجميع روافدها العربية والحضارية الأصيلة. وفي السياق ذاته، توجَّه المدير العام للمنظمة العربية للتربية والثقافة والعلوم (الألكسو)، الدكتور عبدالله حمد محارب، بالشكر والتقدير لمعالي وزير الثقافة والإعلام الدكتور عادل بن زيد الطريفي على ما بذله من عناية وجهد خلال رئاسته الموفقة للدورة التاسعة عشرة للمؤتمر. وأفاد محارب بأن اختيار عنوان (الإعلام الثقافي في الوطن العربي في ضوء التطور الرقمي) موضوعًا للدورة الحالية من المؤتمر جاء ليؤكد التكامل الضروري بين قطاعَين حيويَّين، هما الثقافة والإعلام. مشيرًا إلى أن الثقافة في مفهومها العام، والثقافة الرقمية على وجه التحديد، تمثل تعبيرًا رمزيًّا عن التحولات العميقة التي تعيشها المجتمعات على جميع الأصعدة. مؤكدًا أن الثقافة بكل روافدها لا يمكن أن تتطور بمعزل عن التغيرات الرقمية والشبكات الاجتماعية. ولفت الانتباه إلى أن الفجوة الرقمية بين الدول العربية والدول المتقدمة ما زالت عميقة، مشددًا على ضرورة مضاعفة حجم التحدي في ظل استخدام الجماعات الإرهابية ورموز الفكر التكفيري وسائل الإعلام الحديثة ومواقع التواصل الاجتماعي؛ لتأجيج المشاعر، وبث الأفكار المسمومة. عادًّا الثقافة الحصن والملاذ المهم لاستئصال التطرف، ونشر قيم الحوار وقبول الآخر ونبذ الانغلاق. وعلى صعيد متصل، أكد وزير الثقافة التونسي محمد زين العابدين أن مستقبل العرب رهين بتنميتهم المعرفية والتقنية والاقتصادية، وأنه لا تنمية حقيقية دون تنمية فكرية وإبداعية وإنشائية، تتلازم اعتباراتها مع تنمية الذاكرات الثقافية والتراثية، والاشتغال حول الأبعاد المعنوية والروحية للإنسان العربي تواصلاً مع ضرورات ما تفرضه عليه حياته السياسية والاقتصادية والاجتماعية. وشدَّد زين العابدين على أنه بات من الواضح الجلي أن الرهانات القادمة المطروحة على الوطن العربي أساسها رهانات الثقافة جوهرًا وشكلاً، وأن للإعلام الثقافي دورًا فاعلاً فيها؛ للدفاع عن هذه المنزلة الجديدة التي تتخذها المسألة الثقافية في الدول العربية. مؤكدًا أهمية تثمين الذاكرة التاريخية بكل ما أوتيت من معارف وعلوم وجمال وإنشاء وأدب وشعر؛ حتى تتداول بين الأجيال تأصيلاً للقيم العربية المشتركة، وتفعيلاً لضرورة التعريف بها وطنيًّا ودوليًّا. وقال إن التبادل العربي العلمي والعملي والإعلامي لا يرقى هو الآخر إلى ما نحن آملون، ومعرفتنا بتاريخنا وإبداعنا وتراثنا يعوزها التعريف والتبادل والتواصل بين الدول والشعوب. ولعلنا اليوم مطالبون بالعمل أكثر فأكثر بربط الصلة والتكامل الثقافي بين الدول العربية، من خلال تقريب ثقافتنا المحلية، وربط الصلة بين مبدعينا ومثقفينا وعلمائنا وفنانينا ومفكرينا. وعبَّر وزير الثقافة التونسي عن أمله بأن يسهم المؤتمر الـ20 للوزراء العرب المسؤولين عن الشؤون الثقافية في تعزيز الثقافة كطرح حقيقي لوسائل الإنسان ومسائله الاجتماعية والسياسية أمام الرهانات المطروحة على المجتمعات العربية جهويًّا وإقليميًّا، وأن يسهم بتوصياته واستنتاجاته في النهوض بالعمل العربي المشترك، والرفع من أداء القطاع الثقافي في الأوطان العربية تربية وعلمًا وإبداعًا وبحثًا وتواصلاً. ويناقش المؤتمر على مدى يومَيْن عددًا من المحاور، من بينها الإعلام الثقافي في الوطن العربي في ضوء التطور الرقمي، والتشريعات والنظم الإعلامية والثقافية وإدارة المحتوى والحقوق الرقمية في الوطن العربي، والتكوين والتدريب وتطوير البحث العلمي في الإعلام الثقافي، والإعلام الرقمي والمهن الثقافية الجديدة. كما يناقش المؤتمر محاور حول وسائل التواصل الاجتماعي، وإنتاج المحتوى الثقافي الرقمي العربي ونشره، وأوجه استخدام شبكات التواصل الاجتماعي في البلدان العربية، إضافة إلى تحديات الإعلام الثقافي الرقمي في الوطن العربي.