شهد الجنيه هبوطا حادا مقابل الدولار في بنوك مصر أمس مع اشتداد الطلب على العملة الصعبة من الشركات لتحويل أرباحها إلى الخارج ومن المستوردين تحسبا لموجة تضخمية جديدة في الأسعار. وبحسب "رويترز"، فقد غير بنك مصر والبنك الأهلي المصري أسعار شراء الدولار في ثانية واحدة في منتصف معاملات ما بين البنوك من 18.10 جنيه إلى 18.40 جنيه دفعة واحدة، واقتفت البنوك الأخرى أثر البنكين في رفع أسعار الشراء إلى أن وصل السعر إلى 18.92 جنيه للدولار في بعض البنوك. ويبيع بنك مصر والبنك الأهلي الدولار بسعر 18.75 جنيه وهما أكبر بنكين عاملين في السوق المصري ويلعبان دور صانع السوق في العملة منذ الثالث من تشرين الثاني (نوفمبر) الماضي عندما تخلت مصر عن ربط الجنيه بالدولار الأمريكي في إجراء يهدف لجذب تدفقات رأسمالية والقضاء على السوق السوداء التي كادت تحل محل البنوك. وبلغت أسعار بيع الدولار في بعض عدد من البنوك العاملة في مصر 18.99 جنيه، وقال هاني جنينة من بلتون المالية "هناك متأخرات لشركات النفط الأجنبية لا بد من سدادها بجانب متأخرات تحويل أرباح الشركات الأجنبية للخارج وأيضا ضغوط المستوردين على العملة الآن تحسبا لموجة تضخم أخرى في يناير المقبل". وأبلغ طارق الملا وزير البترول المصري في تشرين الأول (أكتوبر) أن مستحقات شركات النفط الأجنبية لدى الحكومة المصرية ارتفعت إلى 3.58 مليار دولار بنهاية أيلول (سبتمبر) من 3.4 مليار دولار بنهاية حزيران (يونيو). وأظهرت بيانات نشرها البنك المركزي الأسبوع الماضي أن التضخم الأساسي في مصر ارتفع إلى أعلى مستوى في ثماني سنوات في تشرين الثاني (نوفمبر) عند 20.73 في المائة، مقارنة بـ15.72 في المائة في الشهر السابق. وعزا مسؤول في أحد البنوك الخاصة أسباب الانخفاض الحاد للعملة المصرية على مدار الأيام القليلة الماضية إلى "رفع البنوك الحكومية مستويات شراء الدولار في مسعى منها لزيادة حصيلتها الدولارية وهو ما اضطر البنوك الخاص لتتبعها في رفع الأسعار". لكن مسؤولا آخر في بنك حكومي، قال إن سبب ارتفاع أسعار شراء الدولار يرجع إلى "الطلب الكبير على العملة في الوقت الحالي"، وعاشت مصر في السنوات القليلة الماضية حالة تدهور اقتصادي وسط تفاقم عجز الموازنة وارتفاع التضخم وتراجع إنتاج الشركات والمصانع وشح شديد في العملة الصعبة في ظل غياب السائحين والمستثمرين الأجانب وتراجع إيرادات قناة السويس.