شهد الجنيه هبوطاً حاداً مقابل الدولار في بنوك مصر اليوم (الأربعاء) 14 ديسمبر/كانون الأول 2016 مع اشتداد الطلب على العملة الصعبة من الشركات لتحويل أرباحها إلى الخارج ومن المستوردين؛ تحسباً لموجة تضخمية جديدة في الأسعار. وغيّر بنك مصر والبنك الأهلي المصري أسعار شراء الدولار في ثانية واحدة بمنتصف معاملات ما بين البنوك اليوم من 18.10 جنيه إلى 18.40 جنيه دفعة واحدة. واقتفت البنوك الأخرى أثر البنكين في رفع أسعار الشراء إلى أن وصل السعر بحلول الساعة 01.37 بتوقيت غرينتش إلى 18.92 جنيه للدولار في بعض البنوك. ويبيع بنك مصر والبنك الأهلي الدولار بسعر 18.75 جنيه وهما أكبر بنكين عاملين في السوق المصرية ويلعبان دور صانع السوق في العملة منذ الثالث من نوفمبر/ تشرين الثاني الماضي عندما تخلت مصر عن ربط الجنيه بالدولار الأميركي، في إجراء يهدف إلى جذب تدفقات رأسمالية والقضاء على السوق السوداء التي كادت تحل محل البنوك. وبلغت أسعار بيع الدولار في بعض عدد من البنوك العاملة بمصر اليوم 18.99 جنيه بحلول الساعة 01.37 بتوقيت غرينتش. وقال هاني جنينة من "بلتون" المالية: "هناك متأخرات لشركات النفط الأجنبية لا بد من سدادها، بجانب متأخرات تحويل أرباح الشركات الأجنبية للخارج، وأيضاً ضغوط المستوردين على العملة الآن تحسباً لموجة تضخم أخرى في يناير/كانون الثاني المقبل". وأبلغ طارق الملا وزير البترول المصري "رويترز"، في أكتوبر/ شرين الأول، أن مستحقات شركات النفط الأجنبية لدى الحكومة المصرية ارتفعت إلى 3.58 مليار دولار بنهاية سبتمبر/أيلول من 3.4 مليار دولار بنهاية يونيو/ حزيران. وأظهرت بيانات نشرها البنك المركزي الأسبوع الماضي، أن التضخم الأساسي في مصر ارتفع إلى أعلى مستوى خلال 8 سنوات في نوفمبر عند 20.73 في المائة مقارنة مع 15.72 في المائة الشهر السابق. وعزا مسؤول في أحد البنوك الخاصة لـ"رويترز" أسباب الانخفاض الحاد للعملة المصرية على مدار الأيام القليلة الماضية إلى "رفع البنوك الحكومية مستويات شراء الدولار، في مسعى منها لزيادة حصيلتها الدولارية وهو ما اضطر البنوك الخاصة إلى تتبعها في رفع الأسعار". لكن مسؤولاً آخر في بنك حكومي أبلغ "رويترز" اليوم، أن سبب ارتفاع أسعار شراء الدولار يرجع إلى "الطلب الكبير على العملة في الوقت الحالي". وعاشت مصر في السنوات القليلة الماضية حالة تدهور اقتصادي وسط تفاقم عجز الموازنة، وارتفاع التضخم، وتراجع إنتاج الشركات والمصانع، وشح شديد في العملة الصعبة، في ظل غياب السائحين والمستثمرين الأجانب وتراجع إيرادات قناة السويس. ومن شأن تحرير العملة، تشجيع الاستثمارات الأجنبية، وقد يعزز الصادرات، ويتيح للشركات الحصول على الدولار من البنوك بأسعار السوق بما يعيدها للإنتاج الكامل من جديد بعد خفض العمليات الإنتاجية خلال الفترة الماضية بسبب عدم توافر الدولار اللازم لشراء المواد الخام. وتكهن جنينة بأن الضغط على الدولار "سيستمر حتى يناير المقبل وقد يحدث استقرار في العملة في فبراير/شباط ومارس/آذار من 2017". وقال مصرفي آخر لـ"رويترز": "لا أحد يستطيع توقع سعر الدولار غداً في الأسواق... الجميع في انتظار مستويات جديدة".