×
محافظة المنطقة الشرقية

الشهيل يدعم رأس تنورة

صورة الخبر

ما الذي يجعل من الفيلم تجربة رائعة؟ وما هو جوهر آلية تأثير الفيلم في الجمهور؟. كيف يُمكن فك مغاليق النص السينمائي؟ أعمال بريخيت كيف خدمت وستخدم، في المستقبل، التطور الفني والسياسي للثقافة غير السائدة؟. ما الفرق بين المحكي الروائي والمحكي السينمائي؟. والاختلاف بين تصوير الفيلم الروائي والفيلم التسجيلي؟. وما أهمية الناقد ودوره الثقافي في المجتمع؟ وكيف يكتسب النقد أهميته، أمن كونه كتابة في أدب السينما، أم من كونه كتابة في علم السينما؟ ولماذا يندر أن نجد في النقد الصحافي في مصر تقويماً نقدياً موضوعياً للأفلام المصرية؟ التساؤلات السابقة وغيرها من المواضيع هي المتن الذي يدور من حوله «مونوغرافيات في الثقافة السينمائية» أحدث إصدارات المخرج العراقي - الألماني قيس الزبيدي الذي لا يقتصر نشاطه على الإخراج ولكنه كذلك مولّف (مونتير) متمرس وباحث في نظرية السينما والمونتاج، ويتمتع بثقافة سينمائية واسعة. صدر الكتاب عن سلسلة آفاق السينما، لدى هيئة قصور الثقافة في مصر، ويقع في 191 صفحة من القطع الكبير، ويحتوي على اثني عشر فصلاً. يتضمن كل فصل منها عدداً كبيراً من العناوين. إنه بالأساس تجميع لمقالات أغلبها نشرها المؤلف كتعليقات على كتب سينمائية – بعضها جديد والبعض الآخر قديم - تهتم بالنظرية السينمائية وتطور مناهجها من دون أن تغفل تاريخها وجماليتها. من أفضل مقالات الكتاب ذلك الجزء المتعلق بمعادلة صعبة حول كتب «عدنان مدانات» – على رغم أنه استعرض أكثر من كتاب لمدانات في أكثر من مقالة - لأنها جاءت معمقة وترصد تجربة المخرج والناقد الأردني عدنان مدانات ومحاولته لكتابة نقد ثقافي، وليس لكتابة نقد فيلمي، فكتابته – في رأي الزبيدي - لا تكتفي بالحديث عن الفيلم، بل عن السينما، وتذهب أبعد من السينما، فترجع إلى الفيلم، لتربطه، ثقافياً، بمعارف الأدب وعلم الاجتماع وحتى بالفلسفة ليرى من هناك شاشة السينما، وليرى فيها أيضاً فنونها المجاورة، وكيف تتآلف في نسيج أوّلية لغتها البصرية. هذا بالإضافة إلى استعراضه لكتاب عن «السينما التجريبية» وتسليطه الضوء على السؤال المركزي الذي يحدد منهج البحث: كيف يستطيع المبدع السينمائي، أن يجرب وينجح في ارتياد آفاق جديدة، لكي يسير على إثره الآخرون، في وقت يخضع فيه لشروط السوق، التي جعلت السينما تسقط في براثن رأس المال؟ يُحسب للزبيدي أنه في مقالاته يعرض لكل كتاب من وجهة نظره، أو يختار فكرة منه ويبني عليها، من دون أن يتوانى عن كشف العيوب وإظهار المحاسن التي يتميز بها الإصدار موضوع مقالته. ولكن على الرغم مما سبق، وعلى الرغم من أهمية كتاب صاحب فيلم «إننا محكومون بالأمل» فإن الكتاب الجديد لا يخلو من بعض الهنات، والمدهش في الأمر أن الزبيدي وقع في أخطاء كان هو نفسه يأخذها على مؤلفي بعض الكتب التي استعرضها ومنها غياب المنهج طالما أن الكتاب تجميع لمقالات سبق أن نُشرت في الصحافة العربية، «حيث يقول هو نفسه عن أحد الكتب في سياق الكتاب» ... ومن هنا تضعنا إعادة نشرها في كتاب أمام إشكالية تواجهنا في أغلب الكتب التي يصدرها النقاد العرب، والتي هي في الغالب تجميع غير موفق في الغالب لمقالات، على شكل نقد صحافي يومي، عن أفلام أو مخرجين أو مهرجانات أو قراءات في كتب، لا أكثر». الأمر الآخر، أن تقسيم الكتاب لفصول أمر غير ذي بال خصوصاً أن الفصول لا تحمل أي عناوين ولا تحمل تيمة واحدة تُبرر تجميع مقالات بعينها تحت كل فصل. مع العلم أنه كان يمكن ذلك بمزيد من الجهد والعمل الشاق على متن الكتاب. أضف إلى ذلك أن عدداً ليس بالقليل من المقالات كانت بحاجة إلى المراجعة والتنقيح والتدقيق والاختصار، لتفادي التكرار الواضح. فهناك موضوعات يعود صاحب «الزيارة» و «اليازرلي» إلى مناقشتها على صفحات متباعدة من الكتاب وكان يمكن إما اختصارها أو دمجها معاً تحت عنوان فصل واحد مثل الحديث عن «هل السينما فن؟»، ومثل تناوله لكتب عدد من النقاد والسينمائيين أكثر من مرة مثل سمير فريد، ومدانات، وتاركوفسكي، ومثل تكرار أفكار بعينها عن المونتاج والسينما. كذلك هناك مقولات سينمائية نُسبت خطأ إلى غير أصحابها كما يتعلق مثلاً بمقولة برغمان عن تاركوفسكي: «عندما اكتشفت أول أفلامه «طفولة إيفان» كان الأمر بالنسبة لي أشبه بمعجزة حقيقية، ووجدت نفسي فجأة أمام باب غرفة كان ينقصني حتى ذلك الحين مفتاحها». رغم كل ما سبق، ورغم مشقة قراءة الكتاب دفعة واحدة، لكثرة التنقل السريع، وأحياناً العابر، من موضوع إلى آخر، فإننا هنا أمام مرجع مهم للنقاد والدارسين وهواة السينما الباحثين في معرفة تُثري وتعمق ثقافتهم السينمائية لأن كتاب الزبيدي – في 90 في المئة منه على الأقل- بمثابة مرشد إلى كتب أخرى ومراجع سينمائية ضرورية. لذلك لا يمكن إنكار أن الإصدار في مجمله رحلة معرفية تتوجه إلى قارئ شديد التخصص، وهو أثناء ذلك يتصدى لقضايا حيوية فكرية وجمالية في السينما، بشكل يجعلها مُفيدة أيضاً لعشاق السينما وللنقاد وحتى للمخرجين. كتب وقضايا