استُنفر معظم القادة السياسيين وبعض السفراء الأجانب لمحاولة إيجاد مخرج للخلاف على الفقرة المتعلقة بمقاومة الاحتلال الإسرائيلي وربطها بدور الدولة أمس، تجنباً لمأزق استقالة حكومة الرئيس تمام سلام، وتكثفت الاتصالات بين ليل أول من أمس وأمس، قبل انعقاد جلسة مجلس الوزراء عصراً برئاسة رئيس الجمهورية ميشال سليمان، لعرض صيغ حل وسط في هذا الشأن لعلها تدفع الى تريث سلام في الاستقالة. (راجع ص 7) وعاد الوضع في مدينة طرابلس الى الاشتعال أمنياً، فاندلعت بعد الظهر اشتباكات عنيفة بين مسلحي جبل محسن وباب التبانة بعد مقتل شاب من سكان جبل محسن أطلقت عليه النار في المدينة صباحاً، وأدى تجدد الاشتباكات الى مقتل طفلة وسقوط أكثر من 16 جريحاً. واضطر الجيش الى قطع الطريق الدولية التي تربط طرابلس بعكار. وعنُفَت الاشتباكات ليلاً ما أدى الى سقوط المزيد من الإصابات. وفيما سقطت 3 صواريخ على بلدة النبي شيت البقاعية مصدرها الجانب السوري، من دون الإبلاغ عن وقوع إصابات، أعلنت «جبهة النصرة في لبنان» مسؤوليتها عنها. وأصدرت قيادة الجيش اللبناني بياناً أعلنت فيه أن «تكثيف التدابير الأمنية التي اتخذتها وحداته في مختلف المناطق اللبنانية، أدى الى تقلص عمليات تفجير السيارات المفخخة في شكل ملحوظ، والتي كان آخرها استهداف حاجز الجيش في الهرمل. وبتقلص عمليات التفجير سحب من التداول في شكل كبير موضوع كان مدار انقسام بين القوى السياسية أخيراً حول أسباب التفجير ودوافعه». وأكدت قيادة الجيش استمرار الجهد الأمني «بفاعلية قصوى لرصد السيارات المفخخة والمتورطين في عمليات التفخيخ والتحضيرات للتفجيرات وأثمر هذا الجهد عن توقيف أبرز المطلوبين وكشف عدد من السيارات المفخخة وإلى شعور المجموعات الإرهابية بضيق الخناق عليها بدليل لجوء هذه المجموعات الى إطلاق الصواريخ على بعض القرى في البقاع». وكان الرئيس سليمان افتتح جلسة مجلس الوزراء بعد سلسلة لقاءات ومشاورات أجراها طوال نهار أمس، فاجتمع على هامش غداء أقامه على شرف الرئيس الفلنلندي صاولي نينيستو الذي يزور لبنان، مع رئيسي المجلس النيابي نبيه بري والحكومة سلام للبحث في مخارج للخلاف على البيان الوزاري، بعد أن كان بري اختلى مع سلام. وقال سليمان للوزراء إنه «يأمل بإنجاز البيان الوزاري الليلة، وليس مقبولاً أن يقف إنجازه عند جملة واحدة»، وأضاف: «من غير المعقول ألا نهتم بأمورنا بينما نلمس كل اهتمام من المجتمع الدولي، وهذا كان واضحاً في المؤتمر الدولي لدعم لبنان الذي عقد أخيراً في باريس وقريباً سنلمسه في المؤتمر الذي سيُعقد في روما بمبادرة من الحكومة الإيطالية لتوفير الدعم للجيش اللبناني من عتاد وسلاح». ودعا سليمان الى «ضرورة مواكبة هذا الاهتمام الدولي بموقف جامع من اللبنانيين من خلال الإسراع بوضع البيان الوزاري ليكون في مقدور الحكومة أن تعمل، خصوصاً أن أمامنا مشكلات لا بد من توفير الحلول لها». وسبق انعقاد الجلسة حركة اتصالات واسعة بدأت منذ الصباح، لدعوة الرئيس سلام الى التريث في الاستقالة وانتظار مساعي التوصل الى تسوية حول الفقرة المتعلقة بحق المقاومة ودور الدولة في البيان الوزاري. واتصل البطريرك الماروني بشارة الراعي بكل من بري وسلام لهذا الغرض، فيما زار السفير البريطاني توم فليتشر كلاً من بري ورئيس كتلة «المستقبل» رئيس الحكومة السابق فؤاد السنيورة، الذي استقبل أيضاً القائم بالأعمال السعودي عبدالله الزهراني، بينما اجتمع السفير الفرنسي باتريس باولي الى سلام وأمل في أن تحصل الحكومة على ثقة المجلس النيابي حتى تتمكن من أخذ القرارات اللازمة بكل الصلاحيات الدستورية لمواجهة الأوضاع في المنطقة وإنعاش المؤسسات واحترام الاستحقاقات الدستورية. أما فليتشر، الذي أجرى اتصالات بقيادات سياسية عدة فأبدى قلقه من أن يطيح الخلاف على البيان الوزاري الحكومة، وتمنى على السنيورة وسائر الذين اتصل بهم السعي الى معالجة الخلاف. كما استفسر القائم بالأعمال السعودي عن أسباب التعثر. وعلمت «الحياة» أن السنيورة أطلع الديبلوماسيين الذين التقوه باتصالات جرت بين ليل أول من أمس وأمس، لإيجاد صياغة مقبولة لفقرة المقاومة ودور الدولة. وقالت مصادر وزارية إن وزير الصحة وائل أبو فاعور التقى السنيورة ليل الأربعاء موفداً من رئيس «جبهة النضال الوطني» النيابية وليد جنبلاط ليعرض عليه صيغة جديدة، ثم اجتمع أبو فاعور الى الرئيس سليمان في الليلة نفسها، ثم عاود التواصل مع السنيورة صباحاً. وأوضحت المصادر أن هذه الاتصالات أفضت الى مشروع صياغة جديدة للفقرة، حيث تولى السنيورة التشاور مع زعيم تيار «المستقبل» رئيس الحكومة السابق سعد الحريري في شأنها، إضافة الى اتصالاته مع قيادتي حزبَي الكتائب و «القوات اللبنانية» ومع المسيحيين المستقلين في قوى «14 آذار» والرئيس سلام. وذكرت هذه المصادر أن جنبلاط تولى التشاور مع الرئيس بري، بعد أن جرت بلورة الصياغة الجديدة، حيث تولى أبو فاعور طرحها على مجلس الوزراء. وأفادت المصادر أن الصيغة الجديدة نصت على الآتي: «انطلاقاً من مسؤولية الدولة وواجبها في الدفاع عن سيادتها ووحدة أراضيها تؤكد الحكومة على العمل من أجل تحرير مزارع شبعا وتلال كفرشوبا والجزء اللبناني من بلدة الغجر من الاحتلال الإسرائيلي ومواجهة الاعتداءات، وعلى حق أبنائها في مقاومة الاحتلال بالوسائل المشروعة والمتاحة، في إطار الحفاظ على سيادة الدولة». وتسربت أنباء من جلسة مجلس الوزراء أن قوى «8 آذار» طرحت ملاحظات على الصيغة طلبت فيها النص على حق اللبنانيين في مقاومة الاحتلال عبر ربط هذه العبارة بواجب الدولة... وأفادت التسريبات أن الوزراء أخذوا استراحة في الجلسة التي امتدت ليلاً، لإجراء اتصالات بقياداتهم للتشاور معها. وتردد أن هناك أكثر من صيغة طرحت خلال الجلسة استوجبت إجراء اتصالات، لا سيما من قبل وزير المال علي حسن خليل، ما قد يستوجب تأجيل البت بالصيغة الى جلسة ثانية تُعقد غداً السبت. لبنانالحكومة اللبنانية