قرأت في جريدة اليوم (ملحق الاقتصاد) بتاريخ 14-9-1434هـ عنواناً لموضوع تحويل (التنمية العقارية) إلى مؤسسة عامة، وأن هذا الموضوع قيد الدراسة، ويُذكر أن إجراءات التغيير تشمل الاستقلال المالي واللوائح والآليات والهيكل الوظيفي.. وأود الرجوع إلى بدايات تأسيس صندوق التنمية العقارية حيث إن إنشاء هذا الصندوق سنة 1394هـ في عهد الملك خالد - رحمه الله - وكان له أثره البالغ في توفير السكن الملائم لمعظم سكان المملكة سواء في المدن أو القرى، بل أصبح أهم حدث يتعلق بمصلحة المواطنين، وكان رأسماله بسيطاً لا يتجاوز 250 مليون ريال حتى أصبحت ميزانيته في عهد خادم الحرمين الشريفين الملك عبد الله بن عبد العزيز، وسمو ولي عهده الأمين تزيد على 183 مليار ريال. ولا يزال يقدم خدماته للمواطنين أفضل من غيره وتتم إدارته من قِبل جهاز متخصص له خبرته ودرايته ومعرفته بظروف وأحوال الناس حتى إن ولي الأمر - حفظه الله - أصدر قرارات كلها تصب في خدمة المواطن وتيسير السداد، بل وصل الأمر إلى إعفاء المتوفين من مقترضي الصندوق، وكذلك الأرامل والأيتام ومن لا يستطيعون السداد. هذه النظرة الحانية من خادم الحرمين الشريفين أوجدت الاطمئنان والاستقرار السكني، بل إن المواطنين أصبح لديهم المحبة والولاء والانتماء لهذه الدولة التي يهمها إيجاد الاستقرار والراحة لأبنائها.. وهذا ما حصل فعلاً ولأنني معايشٌ لهذا الواقع والإحساس الوطني من خادم الحرمين الشريفين وحكومته الرشيدة، فإنني أرى أنه ليس كل عمل مؤسساتي يصلح لبلادنا، فعندما يصبح العمل المؤسساتي مرهوناً بأنظمة صارمة يتأثر بها المواطن، وهو المقصود في التفكير في تحويل صندوق التنمية العقارية إلى العمل المؤسسي، ومعنى ذلك أنه خرج عن الطبيعة وأسلوب الحياة التي تعودنا عليها مع هذه الدولة الراعية والمهتمة برضاء وراحة المواطن. إن تجديد وإحداث أنظمة جديدة تجعل هدفها الظاهر غير الباطن فإن النتائج سوف تكون سلبية على الوطن، وبالذات عندما يتعلق العمل المؤسسي بمصالح المواطنين، وفي اعتقادي أن التفكير في تحويل الصندوق إلى العمل المؤسسي هو خروج عن مصلحة المواطن المحتاج للسكن، لأن حصوله على السكن مرهون بإجراءات وأنظمة تفقد الأمل الذي يعيش معه المواطن برعاية وعطف دولته. بل قد يكون الهدف هو ما اعتقده أن صندوق التنمية العقارية أصابه العجز وعدم القدرة على تلبية طلبات السكن، وقد أشار إلى ذلك أن هناك ما يزيد على مليوني طلب لم يستطع الصندوق تلبية طلبها، لذا لجأ إلى مسألة تحويل الصندوق إلى العمل المؤسساتي حتى يسد النقص الحاصل في وظيفته الأساسية ويصبح مثله كالمؤسسات الحكومية المرهونة بأنظمة وإجراءات لا تتلاءم مطلقاً مع ما يجب عمله في صندوق التنمية العقارية، بل قد تدخلنا في متاهات وتعقيدات إجرائية ومالية وما يتعلق بالرهن العقاري أو ربط ذلك بالبنوك ومستثمري العقار، يصبح المواطن وأبناؤه مرهوناً طوال عمره تحت ضغط وتعقيد هذه الإجراءات. والدولة - أعزها الله - عندما تُنشئ مثل هذه الصناديق المتعلقة بالمصلحة المباشرة للمواطن، فإنها تهدف إلى أمور كثيرة أهمها الانتماء والترابط والمحبة، في اعتقادي أن هذه سوف يصيبها الخلل عندما تكون الهبة الملكية مرهونة بالعمل المؤسساتي. ومعذرة إن أطلقت عليه (الرهن المؤسساتي). والله الموفق. ababtain@yahoo.com تويتر: ababtain-@